قاتم ومقلق" هكذا اصبح وضع الاقتصاد اللبناني بعد ان فشلت القوى الداخلية في تنفيذ الاستحقاقات السياسية واخفقت الدولة في تطويق مشاكل الفتان الامني اضافة الى ما نالته مقوماته من اضرار العاصفة التي تضرب منطقة الشرق الأوسط. صحيح انها ليس المرة الأولى التي يقف فيها الاقتصاد اللبناني في مرحلة الخطر لكن من دون شك تبقى هذه التجربة هي الاصعب في تاريخه الحديث، فبعد ان سجل تراجعاً متتالياً منذ العام 2010 لا تنذر الأيام المقبلة بالخير، فتحصين لبنان وفرض الاستقرار السياسي والامني امور ضرورية للنهوض بالاقتصاد قد لا تتوفر في القريب العاجل. ليبقى السؤال الى اين يتجه الاقتصاد اللبناني؟
يرى الخبير الاقتصادي د. لويس حبيقة ان الاقتصاد اللبناني يتجه للتراجع والانحدار، فبعد ان نعم بنسب نمو مقبولة منذ عدة سنوات، تدنت هذه النسب في السنوات الاخيرة لتصل الى 1% في عام 2014 في اكثر التوقعات تفاؤلاً، فمن الممكن ان لا يسجل الاقتصاد اللبناني نمواً هذا العام. وتوقع حبيقة ان يسجل الاقتصاد اللبناني نمواً سلبياً اذا بقيت الاوضاع في لبنان والمنطقة على ما هي عليه.
واعتبر حبيقة ان "هذا الوضع سيؤدي الى انخفاض كبير في فرص العملن مما سيدفع بالشباب اللبناني نحو الهجرة باتجاه الدول العربية وافريقيا". واوضح ان "هجرة الشباب تحمل خيراً للبنان في هذه الظروف. فلولا سفر هؤلاء الشباب لكان لبنان يومياً على موعد مع الاف المتظاهرين المطالبين بفرص عمل في ساحة رياض الصلح، ولكان المجتمع اللبناني على موعد مع الانعكاسات الاجتماعية والامنيه لنسب بطالة مرتفعة جداً ".
وابدى حبيقة قلقلاً كبيراً من المستقبل، اذ ان تراجع الاقتصاد ناتج بمعظمه عن الوضع الاقليمي المتعثر وخاصة في سورية"، وقال: " مشاكل لبنان ليست جديدة فمنذ زمن بعيد يعاني اقتصاده من تبعاتها الا ان الامور كانت تبقى مقبولة نتيجة الاوضاع السورية المستقرة، بعكس هذه المرة".
ولفت حبيقة الى ان " المرحلة التي يمر بها الاقتصاد اللبناني هي الأسوأ منذ الاستقلال عام 1943"، واضاف:" لا نستطيع تشبيه ازمة الاقتصاد اليوم بأي ازمة سابقة، فللبنان حدود برية واحدة وهي الحدود مع سورية مما يجعل الاستقرار السوري امر مهم جداً لاقتصاد لبنان". وراى ان لانخفاص اسعار النفط تأثير سلبي على لبنان، اذ انه سيقلص فرص العمل المتاحة للبنانيين في الخليج وسيؤدي الى انخفاض تحويلات اللبنانيين هناك الى اقربائهم في لبنان". وتابع: " ليس هناك ما نعول عليه لانقاذ الاقتصاد، فثلثي مشاكلنا من الخارج وبالتالي هي امور خارجة عن سيطرتنا، اما الثلث المتعلق بالداخل اللبناني يزيد الازمة تعقيداّ في ظل عدم انتخاب رئيس للجمهورية والوضع النيابي المتشرذم، وواقع الادارات اضافة الى وضع التغذية والغذاء ...".
واعتبر حبيقة ان اكثر القطاعات تضرراً هو قطاع السياحة، واذ وصف وضعه بالكارثي، قال: " هناك عروض سياحية كثيرة في العالم بكلفة مقبولة قد تبعد السياح عن لبنان، وهذا يعني ان كافة القطاعات الاقتصادية ستتأثر سلباً اذ ان استهلاك السلع الزراعية والصناعية سينخفض". وتابع:" الفنادق والمطاعم في وضع حرج، اذا لم يكن موسم الاعياد مزدهراً اعتقد ان عدة فنادق ستقفل".