ألقى رئيس تجمّع رجال الأعمال اللبنانيين فؤاد زمكحل كلمة بعنوان "الحاجة الى وسائل بديلة للتمويل وريادة الأعمال" وذلك في "مؤتمر الشركات المتوسطة والصغيرة في لبنان 2014". وجاء في الكلمة:
"ليس سراً على أحد أن اقتصادنا والاقتصاد الإقليمي وكذلك الاقتصاد العالمي يمر بأجمعه بأوقات صعبة للغاية على عدة مستويات. وكل واحد منا رجل أعمال، مهما كان مجال عمله، يدرك تماماً أنه لا يمكننا بعد الآن إدارة شركاتنا في نفس الطريقة التي كنا نديرها قبل بضع سنوات. وبالتالي، فمن الضروري والحاسم:
• بدء مشاريع إعادة هيكلة داخلية وخارجية واسعة النطاق لشركاتنا،
• وضع استراتيجيات وخطط جديدة من أجل البقاء والاستمرار، والنمو، والتنمية، والتنويع والتصدير
• ضمان وسائل تمويل قوية ومستدامة لمؤسساتنا، والتي بدونها من المستحيل الاستمرار والعمل بطريقة فعالة وبناءة.
في الواقع، خلال فترات الأزمات والركود، شكّل "التمويل" لسنوات عديدة "كابوساً" بالنسبة للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة الحجم وكذلك الشركات الكبيرة. لا تزال وسائل التمويل الأكثر شيوعا في لبنان حالياً القرض من خلال المصارف التجارية التي تلعب دوراً حاسماً على هذا الصعيد. ومع ذلك، فقد بلغت ديون القطاع الخاص في لبنان ذروتها إذ وصلت الى 46 مليار دولار، أي ما يزيد عن الناتج المحلي الإجمالي الوطني. بمعنى آخر،سيكون من الصعب أكثر فأكثر الاقتراض وتوفير ضمانات إضافية للاستدانة.
من ناحية أخرى، تتزايد المخاطرالسيادية بشكل كبير بسبب التدهور الأمني، والتوترات السياسية ولكن أيضا بسبب تخفيض تصنيف لبنان الى" B- " في عام 2013 ، مما يجعل مقدمي الأموال مترددين وأكثر تدقيقاً في دراسة الملفات لتجنب أكبر قدر ممكن من المخاطر الناتجة عن عدم السداد.
في ضوء هذا الإقرار الواقعي، قام تجمع رجال الأعمال اللبنانيين في السنوات الأخيرة بدرس بدائل جديدة للتمويل من شأنها أن تعطي قليلاً من "الأكسجين" والسيولة الإضافية للشركات، بما في ذلك الشركات الصغيرة والمتوسطة، لرفع حجم النمو :
1- اقترحنا مشروع قانون الأسهم التفضيلية للشركات الخاصة(في تموز 2012) :
ان هذه الأدوات توسّع نطاق الفرص المتاحة لتمويل الشركات، مقدمة للمستثمرين مردود أهم، بينما تسمح الفصل بين رأس المال والسلطة. فهي تستجيب لطلب لم يتم تلبيته عائد لشركات غير مدرجة وكذلك لشركات مدرجة. انها تتيح للشركاء فتح رؤوس أموالهم، دون تقديم حقوق التصويت، ومع الحفاظ على السيطرة التامة على أعمالهم.
يحق لهذه الأسهم الاستفادة من توزيع أرباح أولوية يمكن أن تكون تراكمية فيما يكون حسابها محدداً سلفاً عند اصدارها. يوفرالسهم التفضيلي مزايا وفوائد سندات الدين بينما يتم تصنيف عملية حسابه على أنه رأسمال المساهمين.
2- اقترحنا مشروع قانون بشان الضمانات العينية على الأموال المنقولة (في نيسان 2014):
لجأت بالفعل نسبة كبيرة جداً من الشركات الصغيرة والمتوسطة الى جميع خطوط الائتمان في حين أنها استخدمت معظم الأصول الثابتة الحرة الخاصة بها كضمانات.
يمنح المشروع المقترح للشركات الفرصة لاستخدام الموجودات المنقولة لديها ( الأسهم والسلع ...) كضمانات مصرفية للحصول بطريقة أسهل وأكثر تنوعا وأوسع على رأس المال وبالتالي الاستفادة منه للتمويل الاضافي .
3- ننصح بانتظام الشركات الخاصة بإعادة هيكلة ديونها، وفتح رؤوس أموالها لمستثمرين جدد من أجل تحويل جزء من ديمنها الى "أسهم رأس مال" للنمو في السوق الدولية بسهولة أكثر.
4- نطلب من الحكومة التوفير باستمرار قروض مدعومة إلى القطاع الخاص ليس فقط لتمويل استثمارات الشركات الخاصة ولكن أيضا لتأمين احتياجاتها من الأمول التشغيلية .
في هذه الأوقات من الانكماش الاقتصادي، تظل للأسف الشركات الصغيرة والمتوسطة الأكثر تضرراً من جراء الأزمة نتيجة الصعوبة البالغة في تغطية نفقاتها أي:
• تسديد ديونها، وتكاليفها الثابتة والمتغيرة
• الاستثمار والنمو
من خلال تسهيل الحصول على الأموال وتوفير أدوات مالية جديدة وكذلك بنية قانونية ملائمة ، نحن على ثقة من أن هذه المبادرة سوف تساعد الشركات الصغيرة والمتوسطة على الحصول على المزيد من الأموال التي ستمكّنها من توليد التمويل والتنمية والنمو وخلق فرص العمل.
من البديهي أنه لا يمكن لهذه العمليات المالية أن ترى النور دون تطبيق قانون جديد، وإصلاح تشريعي وأيضاً إعادة النظر في العديد من التشريعات المعمول بها (قانون الموجبات والعقود، قانون الائتمان، الخ ...)
تجدر الاشارة هنا أنه تمّ وضع القانون التجاري اللبناني في الستينات وهو استنساخ للنموذج التجاري والقانوني الفرنسي، إلا أنه في فرنسا، تمت مراجعة هذه القوانين وتنقيحها، وإعادة صياغتها وتعديلها عدة مرات، وفق الاتجاه العالمي، وحاجة السوق، في حين أننا في لبنان لا زلنا واقفين عند نقطة الصفر.
لا شك أن الشركات الصغيرة والمتوسطة هي أول من يدفع ثمن الأزمة وإنما هي أيضا أول من يتفاعل وينمو خلال الانتعاش الاقتصادي، إذ انها دائما مستعدة للنهوض مجدداً والتعرف الى الفرص التي تخبؤها الأزمات. ما زالت الشركات الصغيرة والمتوسطة وستبقى ركيزة وأساس قدرتنا الاقتصادية على الصمود، فضلاً عن أنها المحرك المركزي لنمونا في المستقبل.
بالتالي، فإنه من واجبنا مساعدتها على الحصول على الأموال اللازمة تمويلها بشكل مستمر والتقديم لها يد المساعدة للبقاء والاستمرار والنمو رغم كل الصعاب.
ثم تحدّث كل من السيدة ياسمينة الخوري روفايل ومثل مؤسسة التمويل الدولية توماس جاكوبس أن رئاسة مجلس الوزراء أعدّت بمساعدة تقنية من مؤسسة التمويل الدولية (التابعة لمجموعة البنك الدولي) مسودة قانون عصري للضمانات العينية على الأموال المنقولة. هذه المسودة هي من ضمن جهود الحكومة اللبنانية لتحسين بيئة الأعمال في لبنان، من أجل تحفيز القطاع الخاص لقيادة النمو الاقتصادي، كما لمعالجة أبرز المعوقات التي تواجه عمل المؤسسات التجارية في لبنان.
إن الغاية من وضع قانون للضمانات العينية على الأموال المنقولة هي لتسهيل الإقراض مقابل إعتماد الموجودات المنقولة كضمانات، من خلال إنشاء نظام قانوني يعطي المقرضين الثقة لتقديم القروض، وفق شروط أفضل، للمؤسسات التجارية والصناعية والزراعية، من خلال الاعتماد على ضمانات الموجودات المنقولة.
وهذا النوع من الإقراض يحفز النمو في القطاع الخاص، لا سيما بالنسبة للمؤسسات المتوسطة والصغيرة الحجم، من خلال توفير رأس المال لها، الذي بدوره يساهم في خلق فرص عمل جديدة كثيرة.
إن هذا القانون الجديد هو بمثابة حجر أساس لمجموعة من القوانين التجارية قيد الإعداد، والتي تهدف الى تعزيز مقدرات النمو والتنمية في الاقتصاد اللبناني".