أقام رئيس "تجمع رجال الأعمال اللبنانيين" الدكتور فؤاد زمكحل وأعضاء الهيئة الإدارية، لقاء غداء حواري مع السفير الروسي ألكسندر زاسبكين، في مطعم "ليزا" في الأشرفية.
حضر اللقاء رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي روجيه نسناس، قنصل روسيا جاك صراف، قنصل فنلندا ظافر شاوي، رئيس نقابة الأشغال العامة والبناء الشيخ فؤاد الخازن، رئيس غرفة التجارة اللبنانية الأميركية سليم زعني، رئيس جمعية شركات الضمان ماكس زكار، رئيس اللجنة الزراعية في غرفة التجارة والصناعة والزراعة في بيروت وجبل لبنان رافي دبانة، وعدد من كبار رجال الأعمال اللبنانيين وأعضاء الهيئة الإدارية في التجمع.
استهل الغداء بكلمة لزمكحل رحب فيها بزاسبكين، وقال: "إنكم عميد السفراء في لبنان، وأنتم أكثر من أي شخص لبناني تعرفون بلدنا، مع كل مشاكله ومخاطره وضعفه ورجال السياسة والأحزاب السياسية لديه، ولكن أيضا نقاط القوة والميزات التي يتمتع بها".
اضاف: "يمر لبنان للأسف بإحدى أصعب الفترات من تاريخه الاقتصادي والاجتماعي والسياسي والأمني. بالفعل، منذ أكثر من 4 سنوات لم يتجاوز النمو نسبة 1.5%، وقد وصلت البطالة إلى معدلات مثيرة للقلق مع أكثر من 23% من القوى العاملة (معدل البطالة 35% بين الخريجين الشباب) في حين يشهد الاستثمار الداخلي والخارجي من سنة إلى أخرى انخفاضا بنسبة أكثر من 40%، تدفع الأسر والشركات والاقتصاد الوطني ثمنا كبيرا من جراء التوترات الداخلية التي لا يمكن تفسيرها وفهمها وبسبب العديد من التوترات الإقليمية والدولية المعقدة التي أصابتهم بالصميم. يتعقد وضعنا يوما بعد يوم، ونحن لا نرى مخرجا من هذا النفق ولا بصيص ضوء أو أمل في الأفق".
وتابع: "من ناحية أخرى، تؤثر الحرب في سوريا بشكل كبير على اقتصادنا، واستقرارنا الاجتماعي وأمننا وبلدنا. تقوم التوترات والتجاوزات اليومية على حدودنا التي يدافع عنها ببسالة إخوتنا في الجيش اللبناني، بتلويث بيئة الأعمال وتجميد الإستثمارات الخاصة الداخلية والخارجية مع زيادة المخاطر السيادية وكذلك مخاطرالبلد وفق وكالات التصنيف الدولية".
واكد انه "لم يعد بإمكان لبنان تحمل مشكلة اللاجئين السوريين التي تجاوزت بشدة قدرتنا على مساعدة المحتاجين مهما كان أصلهم وجنسيتهم، على الرغم من إرادتنا الإنسانية الصادقة. بالفعل، نحن نكافح من أجل البقاء والإستمرار في إطار بنية تحتية معدومة ومؤسفة التي لم تكن تكفي ل 4 مليون نسمة. ليس بإمكان لا لمدارسنا أو مستشفياتنا أو شركاتنا أو طرقاتنا، ولا لاتصالاتنا، ولا لسوق العمل وقوى الأمن لدينا، وبشكل عام لا لإقتصادنا تحمل عبء شعبين في وطننا الصغير".
وقال: "إننا نعتمد عليكم لتمرير رسالتنا وتنبيه سلطاتكم على هذا الأمر كما ونعتمد على بلدكم لمساعدتنا في مواجهة هذه المشكلة المأساوية على المدى القصير، والمتوسط والبعيد".
وعن التوترات الإقليمية، اعتبر ان منطقتنا تشهد غليانا شديدا، الحرب الأهلية في سوريا، الحرب في اليمن، الحرب في العراق، إعادة الهيكلة في مصر، عدم الاستقرار في البحرين، التوترات بين إيران والمملكة العربية السعودية. الدور الجديد الذي تلعبه اليوم كل من تركيا وقطر، تقدم داعش وأيضا تطرف دموي جديد في العديد من المناطق المجاورة".
وشدد على ان "لبنان ضحية هذه الرمال المتحركة الإقليمية وبالكاد يفلح في إبقاء رأسه خارجها للتنفس والحصول على القليل من الأوكسجين من أجل البقاء على قيد الحياة. يتابع بلدكم هذه القضية الإقليمية عن كثب وبدقة منذ عقود. بدت رؤياكم صحيحة ومدروسة جيدا وصائبة. ونحن نعلم أنه لطالما كان لروسيا وسيكون لها دوما نفوذا كبيرة في منطقتنا. إننا نعتمد على دعمكم لحماية لبنان وحفاظه في مأمن من كل هذه الحروب وحماية والحفاظ على دستورنا، ونظامنا، وديمقراطيتنا وحرياتنا التي سندافع عنها جسدا وروحا".
وقال: "صحيح أن رجال السياسة لدينا هم المسؤولون عن هذا الجمود المعمم الذي يشلنا تماما ولكننا ندرك أيضا أن للضغوط والتوجيهات الإقليمية والدولية أيضا دورا ضارا على بلادنا".
اضاف: "ليس سرا على أحد إننا نشهد توترات بين القوى العظمى في ما يخص ملفات عدة إقليمية ودولية. لكن لا يمكن للبنان وخصوصا لا يمكن لاقتصادنا أن يدفع ثمن حرب باردة جديدة على أرضه، وينبغي خاصة ألا يستخدم كصندوق بريد لتمرير رسائل مباشرة أو غير مباشرة بين القوى الإقليمية أو الدولية. نحن نعتمد بشكل كبير على تنفيذ اتفاق إقليمي بين إيران والسلطات الدولية الكبيرة حول الطاقة النووية الذي من شأنه تهدئة التوترات وجذب أعداد كبيرة من المستثمرين الى المنطقة وخلق نمو إقليمي كبير سيستفيد منه لبنان بشكل كبير".
وشكر زمكحل للسفير زاسبكين الدعم "للمساعدة على نمو التبادل التجاري والاقتصادي بين بلدينا وخاصة لتعزيز التصدير اللبناني إلى بلدكم"، لافتا الى انه "من مسؤولية رجال الأعمال اللبنانيين إتباع معايير الجودة والامتثال خاصة بكم، وعلى كل رجل أعمال لبناني أن يتابع بكل إستقلالية ما باشر به فريقكم منذ أشهر عدة من أجل الإنفتاح على سوقكم ذات الإمكانات الكبيرة في ما يخص منتجاتنا، وخدماتنا وخبراتنا".
ثم ألقى السفير زاسبكين كلمته فقال: "في ظل الظروف الدولية والإقليمية الصعبة لا نزال نبذل الجهود المتواصلة من اجل التطوير اللاحق للعلاقات الروسية اللبنانية الودية. ومن المهم الحفاظ على الدافع الإيجابي للتعاون بين بلدينا الذي شهدناه خلال عشر سنوات ماضية".
واوضح ان "التبادل التجاري يزداد. وفي نيسان الماضي عقدت جلسة اللجنة الحكومية الروسية اللبنانية، وتم نقاش أفق التعامل الثنائي في مجالات الطاقة والتجارة والنقل والصناعة والتعليم والمصارف واعمال في الجرف البحري. وكذلك تشمل مجالات التعاون مشاريع بناء سدود وبحيرات اصطناعية ومحطات كهرمائية وكهرحرارية ونسعى الى تطوير التعامل في مجال الصيدلة".
وقال: "يعمل اتحاد غرف التجارة والصناعة والزراعة في لبنان ومجلس الاعمال الروسي اللبناني من اجل تعزيز وتوسيع اتصالات بين رجال الاعمال في البلدين. ويشارك الممثلون اللبنانيون في اجتماعات مختلفة في روسيا وبينها منتدى سنت ـ بيتيرسبورغ الاقتصادي الدولي. وستجري في 19 و20 تشرين الأول المقبل الجلسة الثانية عشرة لمجلس الاعمال الروسي العربي بمشاركة رجال الاعمال الروس ومعظم الدول العربية. ومن المخطط انعقاد المنتدى المصرفي الروسي العربي واجراء اللقاءات المعنية لدوائر الاعمال الروسية والعربية. ونعتبر هذه الجلسة فرصة جيدة لتنشيط التعاون بين رجال الاعمال الروس واللبنانيين".
ومن ثم دارت مناقشة عامة مع السفير الروسي عن الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية التي يمر بها لبنان والمنطقة.