نسب النمو في مرافئ لبنان من الأعلى في العالم
قطاع النقل البحري .. دور محوري
يؤدي قطاع النقل دوراً هاماً وأساسياً في نهضة الشعوب، فهو أساس التنمية الإقتصادية والاجتماعية وركيزة النمو الإقتصادي، إذ تعد خدمات النقل من أهم متطلبات المراحل المختلفة للتنمية في البلدان.
ففي الوقت الذي يعد النقل نشاطاً اقتصادياً قائماً بحد ذاته كونه يوفر العديد من فرص الاستثمار والعمل، يعد النقل كذلك الشريان الأساسي للنشاط الغقتصادي والاجتماعي ومكوناً أساسيا في قرارات الاستثمار، كما يمثل رافداً رئيسياً إن لم يكن الشريك الأساسي في تطوير وتنمية العديد من القطاعات الإقتصادية (التجارة، الصناعة، السياحة، الزراعة، استغلال الثروات المعدنية...الخ). وذلك من خلال دوره المتمثل في تأمين النقل والانتقال للبضائع والأفراد وحلقة الوصل بين مراكز الإنتاج والاستهلاك والاستيراد والتصدير.
وفي لبنان، يؤدي قطاع النقل دوراً مهماً على الصعيد الغقتصادي نظراً لما يتميّز به لبنان من صفات البلد التجاري بامتياز نسبة إلى موقعه الجغرافي على الخريطة التجارية العالمية وضعف قطاعي الصناعة والزراعة. وفي الآونة الأخيرة، يؤدي قطاع النقل دوراً مهماً واستراتيجياً في حماية الإقتصاد الوطني من كارثة تهدد صادراته الخارجية، إذ أضحى قطاع النقل البحري هو "الخيار الوحيد" أمام لبنان لتسويق منتجاته بعد إغلاق معبر "نصيب" بين سورية والأردن، من الجانبين، إثر أحداث العنف التي يعرفها المعبر، فهروباً من الحصار البري للصادرات اللبنانية بعد إغلاق المنافذ التجارية على الحدود البرية اتجه اللبنانيون إلى اللجوء للبحر من أجل فتح منافذ جديدة لتجارتها ولا سيما إلى دول الخليج العربي، إذ جاء إغلاق المعبر بمثابة ضربة إقتصادية لحوالى 13% من صادرات لبنان إلى الخليج. ومع استمرار إغلاق المعبر بات اعتماد خيار النقل البحري المكلف حلاً وحيداً للحفاظ على هذه الأسواق الحيوية للمصدّرين اللبنانيين.
ويحظى قطاع النقل البحري باهتمام خاص من المعنيين نظراً لدوره الأساسي في تعزيز الدورة الإقتصادية وزيادة حجم التجارة البينية بين الدول العربية ".
ويواكب لبنان التطورات الدولية في ميدان النقل البحري، فإضافة إلى العمل المستمر على تطوير مرافئة ولا سيما مرفأ بيروت، ينتسب لبنان إلى معظم الاتفاقات البحرية الدولية إنطلاقا من قناعة راسخة أن امتلاكه لموقع مميز على الخريطة الدولية يمكنه من أداء دور صلة الوصل بين الشرق والغرب".
خطا لبنان خطوات جبارة في قطاع النقل البحري، إذ تحول مرفأ بيروت منذ العام 2006 وحتى اليوم إلى مركز محوري ومرفأ عالمي، بحيث لا تدخل عبر هذا المرفأ الحيوي حاويات للبنان فقط بل أصبح محطة تنقل عبره إلى باقي دول الجوار كسورية وتركيا وهي ما تعرف بـ»حركة المسافنة» التي أصبحت تشكل نسبة 45 في المئة من حركة مرفأ بيروت».
يشغل مرفأ بيروت موقعاً استراتيجياً مميزاً على ساحل البحر المتوسط، حيث يشكل مركز التقاء بين القارات الثلاث أوروبا وآسيا وأفريقيا. ويعتبر من أهم مرافئ المنطقة، وهو المنفذ البحري الرئيس لعدد كبير من الدول العربية. وقد شكل محطة تجارية هامة بين الدول العربية المنتجة للمواد الأولية والطاقة، والدول الغربية الصناعية. كما يعتبر مرفأ ترانزيت لدول عدة منذ أقدم العصور. وهذا ما جعل منه ممراً لعبور أساطيل السفن التجارية بين الشرق والغرب.
عايش مرفأ بيروت حقبات عدة طبعت عمله ونشاطه وخطط تطويره. ففي التاسع عشر من حزيران عام 1887 صدر فرمان عثماني منح بموجبه امتياز إنشاء مرفأ إلى شركة عثمانية تحت اسم "شركة مرفأ وأرصفة وحواصل بيروت". وتبعت هذا الامتياز موافقة إدارة الجمارك على منح هذه الشركة جميع الحقوق الحصرية المتعلقة بتخزين ونقل البضائع المارة عبرها. وبعد الانتهاء من الأشغال البحرية جرى الافتتاح الرسمي للمرفأ في نهاية عام 1894 حيث امتدت أحواضه آنذاك من رأس الشامية حتى رأس المدور .
في العشرين من أيار عام 1925 اكتسبت "شركة مرفأ وأرصفة وحواصل بيروت" الجنسية الفرنسية. وفي الثالث عشر من نيسان عام 1960 جرى استرداد الامتياز الممنوح للشركة الفرنسية وأعطي لشركة لبنانية تحت أسم "شركة إدارة واستثمار مرفأ بيروت" والتي عملت على توسعة المرفأ بإنشاء الرصيف 14 والمول 3 وزيادة طول مكسر الموج .
في نهاية عام 1990 انتهت مدة الامتياز الممنوح ل"شركة إدارة واستثمار مرفأ بيروت" وعهدت الحكومة إلى لجنة مؤقتة لإدارة مرفأ بيروت عرفت باسم "اللجنة المؤقتة لإدارة واستثمار مرفأ بيروت".
وسجلت عام 2007 نقطتان إيجابيتان لمصلحة مرفأ بيروت. فبحسب مجلة "Container Management Magazine" أصبح مرفأ بيروت (مع أربعة مرافئ أخرى) مدرجاً على لائحة أكبر مرافئ الحاويات في العالم. كما جرى إفتتاح المنطقة اللوجستية الحرة في مرفأ بيروت، وهي تضم مجموعة من كبرى الشركات التي تتعاطى خدمات النقل والتخزين. وكانت الغاية من إنشاء المنطقة اللوجستية جعل مرفأ بيروت محطة توزيع رئيسية للشرق الأوسط ونقطة جذب للشركات العالمية من خلال خدمات تخزين ونقل حديثة وسريعة، وكذلك إحياء وتشجيع التجارة المثلثة "الترانزيت" من وإلى وعبر بيروت التي كانت عبر التاريخ بوابة العبور التجارية للقارات الثلاث المحيطة بحوض البحر المتوسط.
ومما لا شك فيه أن إنشاء المنطقة الحرة اللوجستية في مرفأ بيروت اعتبر حدثاً هاماً في تاريخ المرفأ، استجاب لحاجة إقتصادية أعربت عنها جهات عديدة في قطاع النقل في لبنان.
الجدير ذكره أن مرفأ بيروت يتعامل مع أكثر من 300 مرفأ عالمي، ويقدر عدد السفن التي ترسو فيه بـ 3100 سفينة سنوياً. وتمثل حركة البضائع الواردة عبره أكثر من 70 بالمئة من البضائع التي تدخل لبنان، كما تشكل عائداته الجمركية حوالى 77 بالمئة من مجمل العائدات في المرافىء والمطار والمراكز الحدودية البرية.