أمل أن يشهد عام 2016 إستقراراً ليتمكن لبنان من تأدية دور يليق به
عيتاني: النتائج إيجابية
حمل عام 2015 ، من دون شك، تحديات كثيرة للإستثمار في لبنان على مستوياتٍ عدة، عملت المؤسسة العامة لتشجيع الإستثمارات في لبنان "إيدال" على مواجهتها لتعزيز دورها في جذب وتسهيل والحفاظ على الإستثمارات في لبنان.
المهمة كانت صعبة، لكن غير مستحيلة. فوفقاً لرئيس مجلس إدارة المؤسسة العامة لتشجيع الإستثمارات في لبنان نبيل عيتاني "لا يزال الإقتصاد اللبناني يتمتع ببعض المميزات التي سمحت بتسجيل إيجابيات في سنة صعبة إقتصادياً إلى حدٍ كبير مغ غياب عامل أساسي للإستثمار، ألا وهو الإستقرار".
"صورة قاتمة" هي تلك التي رسمها عيتاني للمناخ الإستثماري في عام 2015، إذ "خضع لمتغيراتٍ كثيرة توزّعت على مستويات ثلاثة:
أولها عدم الإستقرار السياسي في لبنان الذي نتج منه الفراغ الرئاسي طيلة عام 2015.
وثانيها الوضع الإقليمي المضطرب والذي تمثل بأزمات متعاقبة في المنطقة وأبرزها الأزمة السورية وتداعياتها السلبية على الإقتصاد اللبناني لناحية الإستثمارات والصادرات والتبادل التجاري وحرية وديناميكية القطاع الخاص والقطاعات المنتجة في لبنان.
وثالثها التأثيرات التي طرأت على الإقتصاد بشكل عام نظراً للمتغيرات الدولية التي لها إنعكاسات على الإستثمار وعملية التبادل التجاري كانخفاض أسعار النفط الذي خفض من قدرة الصناديق السيادية على الإستثمار في الخارج. إضافة إلى التطورات على المستوى الدولي والعائدة إلى التداعيات المستمرة للأزمة المالية العالمية منذ 2008 أو لأزمات متجددة وتحديداً في منطقة الإتحاد الأوروبي وأثرت في ما أثّرت على حركة التبادل في المنطقة".
وقال: "في ظل هذه الصورة القاتمة الخالية من أي عامل إيجابي يثير رغبة المستثمرين والشركات في الإستثمار، عملت "المؤسسة العامة لتشجيع الإستثمار" عام 2015. فهي كمؤسسة مرتبطة أساساً بالقطاع العام وتتمتع بحرية حركة في اتجاه معيّن، كان عليها التعامل مع هذه المعطيات كونها لا تملك أي قدرة على التأثير فيها كونها لا تستطيع أن تؤدي دوراً في فرض الإستقرار السياسي المحلي أو التأثير في الأزمة السورية أو التحرك على صعيد أسعار النفط".
وأكد عيتاني "ان النتائج الباهرة التي جرى تحقيقها على مر السنوات ولا سيما في أعوام 2008 و 2009 و2010 على صعيد الإقتصاد اللبناني والنمو، أثبتت أن إقتصاد لبنان متين ويعتمد على أسس واضحة المعالم تشجّع المستثمرين، إذ يتميّز ببيئة إستثمارية جيّدة نتيجة نظامه الإقتصادي الحر وحرية حركة الأموال وحركة البضائع او الأشخاص". وأشار إلى أنه "لا يزال لبنان يتمتع بجو من الإستقرار النسبي ولا سيما على الصعيد النقدي، فبوجود هذه الإضطرابات لا يزال النقد ثابتاً ومستقراً وهناك احتياطي في مصرف لبنان وهناك قطاع مصرفي يتميّز بموجودات تشكل أكثر من ثلاثة أضعاف الناتج القومي".
واعتبر "أن هذه المميزات تسمح بتسجيل بعض النتائج الإيجابية التي تنعكس على الإستثمار وعلى فرص العمل والإنماء المناطقي والنمو الإقتصادي".
وأكد عيتاني "أن النتائج التي يحققها لبنان على صعيد الإستثمار إيجابية، لكن هذه النتائج كانت لتأتي أفضل لولا الظروف الصعبة المحيطة". واعتبر أن "لبنان هو الأقل تأثراً في المنطقة العربية بالعوامل غير المشجعة للإستثمار. فالمنطقة العربية كانت تستقطب ما يقارب الـ5% من حجم الإستثمارات، ونتيجة العوامل الموجودة تراجعت هذه النسبة إلى 3%". وشدّد على أن لبنان في مرحلة متقدمة لناحية حصته من الإستثمارات بين الدول العربية إذا ما نظرنا إلى صغر مساحته وإلى حجم هذه الإستثمارات مقارنة بالناتج المحلي.
المستثمرون الخليجيون
وكشف عيتاني أن "لبنان في عام 2015 إفتقد لوجود المستثمرين الخليجيين بشكل عام نتيجة سببين محتملين، هما الإضطراب الحاصل في المنطقة، وضعف قدرتهم على تمويل الصناديق الإستثمارية نتيجة انخفاض أسعار البترول". وشدّد على أنه "لا يزال هناك مستثمرون خليجيون يمارسون أعمالهم في لبنان، ولكن لا توجد استثمارات جديدة ورؤية لتكبير حجم سلة الإستثمارات".
وأعلن "أن عام 2015 شهد أيضاً غياباً للشركات الأجنبية المتعددة الجنسيات التي كانت تفتتح دائماً مكاتب في لبنان وتستثمر بهدف توزيع منتجاتها أو خدماتها إلى منطقة الشرق الأوسط معتمدة على الإمكانيات البشرية وسياسات الإنفتاح الموجودة في لبنان".
المغتربون اللبنانيون
وأوضح عيتاني أنه "مع غياب تلك الشريحتين من المستثمرين بقيت أمام المؤسسة العامة لتشجيع الإستثمار شريحتان أخريان للعمل عليهما: وهما اللبناني المقيم واللبناني المغترب". وقال: "هناك مستثمرون لبنانيون مقيمون يعانون من أزمات في مناطق استثماراتهم خارج لبنان كالعراق والأردن وسورية ودول شمال أفريقيا، لذلك استهدفت أيدال في عملها عام 2015 هؤلاء المستثمرين الذين عمدوا إلى توسيع إستثماراتهم المحلية وضخ رساميل إستثمارية في القطاعات الإقتصادية ولا سيما في قطاع الصناعة والقطاعات المتجددة والمعلومات والتكنولوجيا. وإضافة إلى توسيع الإستثمارات، شهد عام 2015 قيام مشاريع جديدة من مستثمرين لبنانيين مقيمين".
وأضاف: "الفئة الثانية التي استهدفتها "إيدال" وعملت على ربطها بشكل عام بالإقتصاد اللبناني هي فئة المغتربين اللبنانيين الموجودين في الخارج ولديهم نية المساهمة في الإقتصاد اللبناني ورفع نسب النمو. هذه الطاقة جد متميّزة إن كان على مستوى الفكر أو الطاقة أو القدرة المالية. فالمغتربون مجتمع يمكن أن يترابط إقتصادياً مع لبنان إما عبر إستثمارات مباشرة أو عبر زيادة التبادل التجاري أو عبر عملية تشجيع الشراكات في ما بين قطاعات الإنتاج الموجودة في الخارج والموجودة في لبنان بهدف خلق شراكات إنتاجية".
وتابع: "نحاول تشجيع هذه الشراكات بين شركات أجنبية مملوكة من لبنانيين أو مدراؤها لبنانيون مغتربون مع شركات إنتاج موجودة في لبنان ولا سيما في قطاع التكنولوجيا والمعلومات وصناعة البرامج وعملية الطاقة المتجدّدة التي يتميّز بها لبنان".
برامج 2015
وأعلن عيتاني " أن المؤسسة العامة لتشجيع الإستثمار وضعت برامج عمل في عام 2015، أعطت نتائج جيدة إذ حافظت على مستوى الإستثمارات نفسه الذي كان في 2014". واعتبر أن هذه "النتيجة تطلبت جهداً مكثفاً منها، إذ إن المحافظة على أداء القطاعات الإقتصادية ضمن المعطيات الكبرى التي ذكرت أمر جدّ مهم".
وأمل أن "يشهد عام 2016 إستقراراً ليتمكن لبنان من تأدية دور يليق به. فإقتصاد لبنان متين ويعتمد على التنوّع الإقتصادي ويتميّز بقطاع خاص ديناميكي يستطيع التحرك مباشرةً في حال توفر بعض الإستقرار وهذا ما خبرناه على مر السنوات".
وتوقّع أنه "اذا شهد لبنان عام 2016 نوعاً من الإستقرار، فقد يحقق نتائج إقتصادية جيدة. إذ إن أمامه فرصة للمشاركة في إعادة إعمار سورية، وهناك آمال كبيرة على إقرار مرسومي النفط والغاز اللذين من المتوقع أن يأخذا لبنان إلى مكانٍ آخر. كما أن عودة الإستقرار من شأنه زيادة فاعلية القطاعات الإنتاجية.
خطط جديدة
وأكد عيتاني "وجود خطط كثيرة للعمل في عام 2016 لدى المؤسسة العامة لتشجيع الإستثمار، أهمها خطط موضوعة للتواصل مع المغتربين اللبنانيين بهدف تحفيزهم على المشاركة في العملية الإقتصادية في لبنان وعملية الإستثمار والتبادل التجاري حيث يتم العمل على الربط الإقتصادي في ما بين الشركات العاملة في لبنان وفي الخارج على صعيد القطاعات المنتجة".
ولفت إلى وجود خطط على مستوى القطاعات الإنتاجية التي تواجه معوقات في التصدير في ظل إقفال معبر نصيب الحدودي". وقال: في عام 2015، ومع إقفال المعبر جرى وضع برنامج لدعم التصدير البحري تحت إسم "آلية الجسر البحري" وقد أمّن هذا البرنامج انسيابية المنتج اللبناني إلى الأسواق الخارجية. وفي 2016 سنعمل على تطوير هذا البرنامج من أجل الحفاظ على القطاعات الإنتاجية إذا ما بقي المعبر مقفلاً".