الصناعة عام 2015 .. صمود هش
عانت الصناعة عام 2015 كما غيرها من القطاعات الإقتصادية، ففي أسوأ السنوات إقتصادياً من دون شك كان للصناعة حصّتها. تحديات كثيرة تخطاها القطاع وإن بصعوبة ليثبت قدرة كبيرة على الصمود في ظل ظروف ضاغطة كثيرة وأحداث تفاعلت بشكل كبير وعواصف هبّت في المنطقة طاولتها تأثيراتها بشكل كبير.
شكّل عدم الإستقرار تحدياً كبيراً واجهته الصناعة عام 2015، فمن شأن عدم الإستقرار الحؤول دون تقدم القطاع وازدهاره، إذ يحول دون المزيد من الاستثمارات والتوسع، وفي ظل وضع إقليمي غير مستقر، كان له انعكاساته المباشرة على القطاع، خصوصا في ما يتعلق بالشحن والتكاليف الإضافية التي يتكبدها الصناعي لتأمين سبل أكثر ضماناً وأماناً لإيصال منتجاته إلى الأسواق التصديرية، إضافة إلى المشاكل العضوية التي يعاني منها القطاع الصناعي بشكل عام من ارتفاع الأكلاف التشغيلية إلى مستويات قياسية".
إقفال معبر نصيب
لعل إقفال معبر نصيب الحدودي كان من أبرز التحديات التي واجهتها الصناعة عام 2015، فنتيجة لما يشكله المعبر من بوابة برية وحيدة للبنان باتجاه دول الخليج وبعض الدول العربية. هدّد إقفال المعبر بضرية قاضية للقطاعين الصناعي والزراعي ولا سيما أن الصادرات الصناعية في لبنان كانت قد شهدت إنخفاضاً بلغ 6.9% في العام 2014 مقارنة مع العام 2013.
وكان هذا الانخفاض قد دفع رئيس جمعية الصناعيين فادي الجميل إلى رفع الصوت عالياً ومطالبة الحكومة بالتدخل السريع، إذ إن الصناعيين الذين تميزوا بمبادراتهم الفردية ونجاحاتهم المميزة وعشقهم للتحدي الذي أوصل المنتج اللبناني إلى دول العالم لم يتمكنوا من مجاراة الأحداث في المنطقة والتي تفاعلت بشكلٍ سريع.
وبرز خوف آنذاك من خسارة أسواق لطالما كانت غالية على قلب الصناعيين، فمع استمرار إقفال المعبر لا بد للأسواق المستوردة أن تبحث عن بديل.
وسط مخاوف الصناعيين هذه، تحركت الحكومة لتبددها مع إقرارها آلية دعم للصادرات اللبنانية والتي جعلت التصدير البحري بديلاً من التصدير البري. ولا شك أن إقرار الآلية كان دواء ناجعاً إذ سجلت الصادرات وفقاً لمصادر مطلعة عام 2015 إنخفاضاً طفيفاً، ما يؤكد أن التصدير البحري سمح للصادرات بالوصول إلى أسواقها.
غياب الدعم
وفي عام 2015، بقي غياب الدعم الكافي هو المعضلة الأساسية للقطاع الصناعي رغم أهميته على أكثر من مستوى ولا سيما الأرقام التي حققها على مستويي نسبته من الدخل الوطني وقيمة صادراته وتشغيل اليد العاملة اللبنانية، بالإضافة إلى قدراته التنافسية الكبيرة التي تؤهله للتوسع والمنافسة في الأسواق الداخلية والعالمية، فضلا عن كونه يشكل عاملا أساسيا في خفض عجز الميزان التجاري.
إذ يعمل في القطاع راهناً 134 ألف عامل، والصناعة تؤمن مصدر رزق لـ650 ألف مواطن، وهي قادرة على خلق أكثر من 1500 فرصة عمل جديدة سنويا. كما يساهم القطاع الصناعي بما بين 10 في المئة إلى 12 في المئة من الناتج الوطني، وتؤمن الصادرات الصناعية النقد النادر بما قيمته 3 مليارات دولار، كما يساهم القطاع في خفض العجز في الميزان التجاري الذي بلغ العام الماضي 17 مليار دولار، ويفعّل القطاعات الأخرى من نقل ومصارف وتأمين وزراعة.
يرزح القطاع الصناعي حاليا تحت تكاليف وأعباء مالية كبيرة تكبّله، فضلا عن الإغراق والمنافسة وانتقال مصانع سورية إلى لبنان وهي تعمل اليوم من دون ترخيص وتنافس المصانع واليد العاملة اللبنانية. ناهيك عن الأزمات المتواصلة وكان أبرزها عام 2015 أزمة المرفأ مع توقف العمل بالخط الأخضر.
إغراق الأسواق
ومن الضروري مع إطلالة العام الجديد الإضاءة بوضوح على مشكلة إغراق الأسواق تحت اسم وعناوين إتفاقيات التبادل التجاري الحر الأوروبية والأميركية والعربية من خلال اتفاقية التيسير العربية. ويشكو الصناعيون من إغراق أسواقهم الداخلية بسلع صناعية تتميز عن السلع اللبنانية بكلفتها المنخفضة في بلدان المنشأ العربية أو الأوروبية، ما ينتج منافسة غير مشروعة في الداخل مع استحالة في المنافسة الخارجية، بسبب الفارق الكبير في أسعار الكلفة التي لا تكون بالتأكيد لمصلحة الإنتاج الصناعي اللبناني الذي يفتقد الحماية والدعم الرسمي، مقابل توفرها بشكل مغدق في بلدان أخرى.
تشويه "الصناعات الغذائية"
وفي عام 2015، شكّلت حملة سلامة الغذاء التي شوّهت صورة الإنتاج اللبناني نتيجة تعامل الإعلام بطريقة قاسية معها تحدياً لأصحاب الصناعات الغذائية.
وكان المتابعين لشؤون القطاع قد وصفوا تعاطي الإعلام مع الحملة بـ"الوحشي"، حيث أظهرت أن الفساد يعشّش في كل زاوية من زواياه، وأن المواد التي يستهلكها الشعب اللبناني جلّها تالفة وغير صالحة للاستخدام ما أساء إلى القطاع بشكلٍ كبير جداً. وآنذاك وصف وزير الصناعة حسين الحاج حسن المعلومات التي تم تداولها بغير الصحيحة وغير المنطقية، مؤكداً أن القطاع يصدّر منتجات غدائية مصنّعة بقيمة 400 مليون دولار، لا تتعدى نسبة المرتجعات منها الـ1% لسبب لا يتعلق بالجودة إنما لشروط تتعلق بالعلامة التجارية. وسأل الحاج حسن: "كيف للبنان تصدير منتجات غير مطابقة للمواصفات ويشتريها المستهلكون في الخارج".
وزير الصناعة حسين الحاج حسن
الحكومات المتعاقبة هي التي تتحمل المسؤولية عما آلت إليه حال القطاعات الإنتاجية في لبنان. فنحن نتذرع دائما بأن القوانين الدولية لا تسمح لنا بتبني سياسة الدعم التي تلجأ إليها غالبية الدول الصناعية. فلم الدعم مسموح لهم وغير مسموح لنا؟ إنني مقتنع بسياسة الدعم والحماية.
رئيس جمعية الصناعيين فادي الجميل
الصادرات اللبنانية لا تزال تصل إلى البلدان الأكثر تطلباً في العالم، فللقطاع الصناعي قدرات تصديرية وإمكاية للتحرّك بسرعة يمكن الإفادة منها في حال تم وضع برامج هادفة لتنمية الصادرات الصناعية مثل معظم الدول، خصوصاً أن القطاع لديه القدرة على رفع إنتاجه استجابة لأي طلب جديد.
مدير عام معهد البحوث الصناعية الدكتور بسام الفرن
نثابر على عملنا المتواصل من أجل مواكبة القطاع الصناعي عبر مساعدته في الأبحاث والدراسات وتأمين التمويل على التحديث، وزيادة قدراته الانتاجية والتنافسية شرط أن يلتزم المصدرون ويتقيدوا بالمواصفات الإلزامية
عميد الصناعات الغذائية جورج نصراوي
لسنوات خلت كنا كصناعيين متفائلين جداً، إنما اليوم وبعد تداخل السياسة بالإقتصاد وما له من انعكاسات على طريقة إدارة الأمور في البلد أصبح لدينا علامة استفهام
أمين سر نقابة الصناعات الغذائية منير البساط
ردة الفعل الأولى لأي صناعي لبناني تجاه المصاعب التي يواجهها لا بد أن تكون خطوة إلى الأمام، مع المزيد من المثابرة والإصرار على تعزيز المكاسب التي تحققت من اتساع الأسواق وارتفاع حجم الأعمال
عضو مجلس الادارة في جمعية الصناعيين عدنان عطايا
واعتبر أن التحدي الأساسي بالنسبة إلى أي صناعي اليوم هو ألا تموت روح التحدي في قلبه، إذ إن هذه الروح تمكنه من مواجهة الصعاب وتثبيت قدميه في الأسواق وتعطيه الشجاعة لخوض أي معركة تنافسية وربحها
عضو مجلس الادارة في جمعية الصناعيين جويس جمال
في الواقع، لا بد من القول أن الصناعي اللبناني هو مشروع نجاح، أثبت على تحدّيه للصعوبات، ومثابرته الدائمة على الاستمرار، ويتمتع بمهارات عالية في مجال التصميم والإبتكار والصناعات الرائدة.
رئيس مركز الإنتاج الأنظف في لبنان الدكتور علي يعقوب
أثبتت التجارب أن عملية تنفيذ آليات الإنتاج الأنظف داخل المؤسسات الصناعية يخفف من المشاكل البيئية ويخفّض من كلفة الإنتاج. ما يعني أن هناك وفراً واضحاً من ، فانخفاض الكلفة يقوي إمكانات التصدير إلى الخارج، وهذا هو الهدف الأساسي
PasteHere