خفضت وكالة "موديز" تصنيفها للتوقعات على ديون الحكومة الصينية من "مستقرة" الى "سلبية" بسبب الشكوك حول قدرة السلطات على تنفيذ اصلاحات اقتصادية وارتفاع الدين الحكومي وانخفاض الاحتياطات.
ويأتي تخفيض وكالة "موديز" للديون الحكومية في الصين قبل أيام من انعقاد مجلس الشعب الصيني وتصويته على الخطة الخماسية الثالثة عشر، وهي خطة تمتد لخمس سنوات وقد بدأ صناع السياسة بكتابتها منذ عام 2015.
هذا وسيقوم عدد من المحللين بالتدقيق في النص النهائي للخطة التي سيصدرها مجلس الشعب الصيني من اجل الحصول على استنتاجات ومعلومات حول تفكير صناع السياسة في الصين عن المسار المحتمل لاستراتيجية النمو المحتملة للاقتصاد الوطني وهي من اهم العوامل التي ذكرتها "موديز" في تقريرها.
وفي هذا الاطار، ذكرت "موديز" في تقريرها انه "من دون اصلاحات اقتصادية صادقة وصحيحة سيتباطأ الناتج المحلي الاجمالي للصين بشكل ملحوظ كما ان عبء الديون الحكومية المتراكمة سيخفف الاستثمار في الاعمال التجارية فيما سيزيد عدد السكان بشكل غير مناسب كما ان ديون الحكومة ستزداد بشكل سريع واكثر مما هو متوقع.
واشارت الوكالة ان لجنة التصنيف في "موديز" ناقشت الوضع في الصين خلال لقاء عقد في 9 شباط الماضي، حيث تم استعراض قوة البلاد المؤسساتية والمالية اضافة لمخاطر حدث تصنيفها وتخفيضها الى سلبية.
كما لفتت الوكالة الى ان السبب الاساسي للتخفيض الى سلبية هو التوقعات المستمرة بان القوة المالية في الصين ستنخفض اكثر واكثر، فضلاً عن انخفاض احتياطاتها الى 762 مليار دولار خلال 18 شهراً الماضية.
ولفتت الى ان التدخلات في اسواق الاسهم والعملات الاجنبية طيلة السنوات الماضية ادت الى ان يصبح ضمان الاستقرار المالي والاقتصادي من اهم اهداف الوكالة وسط وجود شكوك لديها حول السياسات الصينية المعتمدة.
ورغم ذلك، حافظت وكالة "موديز" على تصنيف الصين "AA3" حيث انها تملك احتياطات كبيرة تمكنها من تنفيذ سلسلة اصلاحات اقتصادية ومالية تدريجياً ومعالجة المشاكل الاقتصادية.
من ناحية اخرى، حذرت من الوكالة من تخفيضها تصنيف الصين في حال تباطأت في تنفيذ تلك الاصلاحات لدعم التنمية المستدامة ولحماية الموازنة العامة للحكومة.
الى ذلك، أشار كبير الاقتصاديين لمنطقة آسيا في ادارة الاصول العالمية "ناتيكسيس" ترينيه نجوين الى ان ما قامت به "موديز" ليس اشارة تبعث على القلق بعد بل انها اتجاه سلبي وهذا ما تفعله الوكالة، مضيفاً ان السلطات الصينية لديها الوقت الكافي للقيام بتلك الاصلاحات، حيث لديهم واحدة من أدنى الدين الحكومي كنسبة من الناتج المحلي الاجمالي مقارنةً مع الدول الناشئة الاخرى ولافتاً الى ان بكين تمتلك فائض حساب جاري يمكن ان تموّل من خلاله توسعها المالي الخاص بها.
وكانت ردة فعل السوق الاولية حول تغيير نظرة "موديز"، فاترة على الرغم من أن تكلفة التأمين على ديون الحكومة الصينية ضد التخلف عن السداد ارتفعت قليلا.
بدورها، أشارت كبيرة الاقتصاديين لمنطقة شرق آسيا في شركة "أكسا" عايدة ياه الى ان برامج التشغيل المحلية، الديون الحكومية، تدفقات رأس الاموال، انخفاض الاحتياطات والمخاوف بشأن التقدم المحرز في الاصلاحات معترف بها كلها من قبل المستثمرين المحليين والاجانب ومضيفةً ان عدداً كبيراً منهم قال ان هذه الاصلاحات ستؤدي الى التخفيف من المشاكل.
كما اشارت "موديز" الى ان الاساس المنطقي الرئيسي لخفض التوقعات في الصين كان مخزون كبير من الالتزامات السيادية الطارئة مثل ديون الشركات المملوكة للدولة، الدين الحكومي المحلي وديون البنوك الصينية الكبيرة مثل " بنك التنمية الزراعية من الصين"، "بنك التنمية" و"بنك التصدير والاستيراد من الصين".
في حين كانت "موديز" تضع الدين الحكومي الفعلي بنسبة 40.6% من الناتج المحلي الإجمالي في نهاية عام 2015، قدّرت "ستاندرد آند بورز" ارتفاع ديون الشركات بنسبة 160% من الناتج المحلي الاجمالي في عام 2014 اي ضعف المستوى في الولايات المتحدة الاميركية وتصل الى 120% في عام 2013.
بدوره، قال المتخصص في الاقتصاد الصيني في شركة "كابيتال سنغافورة" جوليان ايفانز بريتشارد ان هناك سوء الائتمان المخصصة للشركات الحكومية بشكل غير فعال وهي بالتالي لن تكون كافية للشركات الصغيرة.
وفي مذكرة منفصلة، سلّطت وكالة "فيتش" الضوء حول ارتفاع المخاطر التي تتعرّض لها البنوك الصينية من تسارع نمو الائتمان.
واشار بعض محللي "فيتش" الى ان خفض 50 نقطة من نسبة متطلبات الاحتياطي للبنوك الصينية جنباً الى جنب مع تسجيل نمو القروض في كانون الثاني يمكن ان يشير الى احتمال متزايد من تحول السلطات المحلية في سياستها النقدية لتحقيق المزيد من النمو الذي يغذيها الائتمان.
ان التقلب بين اكثر من دين سيؤدي الى التأخر وليس الى حسم شامل لموضوع الديون السيادية للصين ولكل المشاكل التي استهدفت الصين نتيجة الازمة الاقتصادية العالمية التي حصلت عام 2008.
الى ذلك، خفّض بنك الشعب الصيني متطلبات نسبة احتياطي البنوك بمقدرة 50 نقطة اساس، كما افرج عن ما يقدر بـ100 مليون دولار اميركي من النقد للمساهمة في انعاش القروض المصرفية والتجارية في الصين.