نشاط القطاع المصرفي عام 2015:
قدرة أكيدة على التكيّف مع أصعب الظروف
برهن القطاع المصرفي اللبناني في العام 2015 كما في عام 2014 عن مناعة مكتسبة في وجه التحديات الداخلية والخارجية، وعن قدرة واضحة وأكيدة على التكيف مع أصعب الظروف الأساسية والأمنية والإقتصادية وأكثرها تعقيداً. تبقى النتائج التي حققها القطاع في العام 2015 مقبولة وجيدة في ظل الأداء الضعبف للإقتصاد اللبناني وفي سياق الأحداث التي شهدتها البلاد، من اضطرابات أمنية متنقلة ومن فراغ في سدة الرئاسة الأولى وتعثر كبير في عمل السلطتين التنفيذية والتشريعية، بالإضافة إلى تلبد الجواء الإقليمية على مختلف مجالات الإستثمار في لبنان، بما فيه الإستثمار المالي.
الموجودات
في نهاية العام 2015 وصل إجمالي موجودات المصارف التجارية العاملة في لبنان إلى ما يوازي 280379 مليار ليرة (ما يعادل 186 مليار دولار) مقابل 264863 مليار ليرة في نهاية العام 2014 (175,7 مليار دولار). وعليه تكون هذه الموجودات قد ازدادت بنسبة 5,9 % في العام 2015 . وهي أدنى بقليل من الزيادة المحققة في العام 2014 (6,6 % ) وتلك المحققة في العام 2013 والتي كانت قد بلغت8,5 % .
الودائع
في نهاية العام 2015، وصلت قاعدة الودائع والتي تشمل ودائع القطاع الخاص المقيم وغير المقيم وودائع القطاع العام ، إلى 233589 مليار ليرة ( ما يعادل 154,95 مليار دولار ) مقابل 222563 مليار ليرة (47,64 مليار دولار) في نهاية العام 2014 . بذلك تكون هذه الودائع قد ازدادت بنسبة قاربت 5 % في العام 2015 مقابل زيادة أعلى بلغت نسبتها 6,1 % في العام 2014 و 9 % في العام 2013. فالواقع أن المعطيات المتمثلة بضعف النمو الإقتصادي وزيادة عجز المدفوعات انعكست تباطؤاً في نمو الودائع الذي يبقى. رغم ذلك، كافياً لتغطية الإحتياجات التمويلية للقطاعين العام والخاص.
وفي نهاية العام 2015، بلغت حصة ودائع القطاع الخاص المقيم 77,3 % من إجمالي الودائع وحصة القطاع الخاص غير المقيم 20,5 % وتلك العائدة للقطاع العام 2,2 % .
وتتميز الودائع المصرفية بكون غالبيتها حسابات إدخار ( أكثر من 80 % ) وقصيرة الأجل ( أقل من 90 يوماً ) . على صعيد آخر . توزعت الودائع الإجمالية بين 36,5 % بالليرة اللبنانية و 63,5 % بالعملات الأجنبية في نهاية العام 2015 ( 35,7 % و 64,3 % تباعاً في نهاية العام 2014) .
من جهة أخرى، تتركز الودائع المصرفية في مدينة بيروت وضواحيها، إذ استقطبت هذه المنطقة حوالى 69,1 % من الودائع الإجمالية في نهاية حزيران 2015 ( آخر المعطيات المتوافرة ) موزعة على 48,4 % من العدد الإجمالي للمودعين، في حين تعود نسبة 30,9 % من الودائع إلى المناطق الأخرى وتتوزع على 51,6 % من مجموع المودعين، ما يدل على اختلاف متوسط الوديعة بين بيروت وضواحيها والمناطق الأخرى .
توظيفات القطاع المصرفي
خلافاً لبنية الإلتزامات، حصلت بعض التغيرات في بنية توظيفات المصارف التجارية عند مقارنة المعطيات في نهاية العام 2015 قياساً على نهاية العام 2014. فقد ارتفعت حصة الودائع لدى مصرف لبنان إلى 37,9 % من إجمالي التوظيفات من 36,1 % في نهاية التاريخين على التوالي، في المقابل تراجعت حصة التسليفات للقطاع العام إلى 20,3 % في نهاية العام 2015، كما تابعت حصة الموجودات الخارجية تراجعها لتصل إلى 12,8 % في نهاية العام المذكور . في حين استقرت حصة التسليفات الممنوحة للقطاع الخاص المقيم على 25,8 %
التسليفات للقطاع الخاص
واصلت التسليفات الممنوحة للقطاع الخاص المقيم وغير المقيم ارتفاعها في العام 2015 لتصل إلى ما يقارب 54,2 مليار دولار في نهايته، مقابل 50,9 مليار دولار في نهاية العام 2014 غير أن معدل ارتفاعها اخذ بالتباطؤ منذ خمس سنوات، وقد بلغ 6,5 % في العام 2015 مقابل زيادة أعلى بلغت 7,4 % في العام 2014 و 9,0 % في العام 2013 لكنه يبقى جيداً ومقبولاً في ظل النمو الإقتصادي الضعيف في البلاد وحال عدم الإستقرار في المنطقة . وقد شكلت التسليفات للقطاع الخاص غير المقيم والتي تتعلق في جزء كبير منها بتمويل مشاريع لرجال أعمال لبنانيين في الخارج، ولا سيما في الدول العربية والأفريقية ، 11,4 % من إجمالي تسليفات القطاع الخاص في نهاية العام 2015 مقابل 10,9 % في نهاية العام 2014 و 12,4 % في نهاية العام 2013 .
على صعيد توزع التسليفات على القطاعات الإقتصادية. فإنه يتوافق بصورة عامة مع مساهمة القطاعات في الناتج المحلي الإجمالي. إذا ما استثينا القطاع الزراعي الذي يحتاج إلى آليات تمويل متخصصة كما هي الحال في معظم دول العالم، المتطورة منها والناشئة.
يستمر تركز التسليفات في قطاع التجارة والخدمات على الرغم من التراجع المستمر لحصة هذا القطاع من 34,5 % من إجمالي التسليفات في نهاية العام 2013 إلى 33,8 % في نهاية حزيران 2015، واصلت حصة الأفراد او القروض الشخصية ارتفاعها إلى 29,0 % في نهاية حزيران 2015 مع ارتفاع حصة القروض السكنية التي تدخل ضمنها إلى 17,6 % في نهاية الشهر المذكور فيما شهدت حصة القطاعات الأخرى تقلبات طفيفة صعوداً أو نزولاً .
ويظهر توزع التسليفات على المناطق والمستفيدين تركزها الواضح في منطقة بيروت وضواحيها ولمصلحة ساكنيها مع تسجيل تراجع بطيء وتدريجي مع الوقت في حصة هذه المنطقة لتصل إلى 76,5 % من إجمالي التسليفات و 54,7 % من مجموع المستفيدين في نهاية حزيران 2015. ويعتبر هذا التركز منسجماً مع تركز النشاط الإقتصادي وتركز السكان ومستوى المداخيل في العاصمة والضواحي.
ومن ناحية توزيع هذه التسليفات حسب الشرائح، تبين الإحصاءات أن التسليفات التي تزيد قيمتها عن مليار ليرة لبنانية يستفيد منها 1,4 % فقط ( عددهم 7961 شخصاً ومؤسسة ) من إجمالي عدد المستفيدين والبالغ 551262 شخصاً . وهذه النسبة المتدنية تنسجم مع ما هو قائم في أي اقتصاد في العالم .
إرتفعت قليلاً تسليفات المصارف التجارية الممنوحة للقطاع العام إلى 56984 مليار ليرة في نهاية كانون الأول مقابل 56308 مليارات ليرة في نهاية العام 2014. لتسجل بذلك ارتفاعاً بنسبة 1,2 % بعد تراجع بسيط بلغت نسبته 0,8 % في العام 2014. علماً أنها كانت ارتفعت بنسبة كبيرة بلغت 21,0 % في العام 2013 . ويعود التحسن في العام 2015 إلى اكتتابات المصارف في جزء من سندات اليوروبندز التي أصدرتها الخزينة في العام المذكور على دفعتين : الأولى في شباط بقيمة 2,2 مليار دولار والثانية في تشرين الثاني بقيمة 1,6 مليار دولار .