بحث
المزيد المركز الاخباري اليومي
» لقاء لاتحاد بلديات صيدا لشرح أهداف برنامج صندوق التنمية الإقتصادية والإجتماعية
» جمعية المستهلك: أين قانوني سلامة الغذاء والحد من الاحتكار؟
» وزني بحث أزمة الديون المتوجبة على الدولة
» استثمارات «البنك الأوروبي لإعادة الإعمار» تقفز لـ5.9 مليار دولار في النصف الأول
» {مجموعة العشرين}: الرقمنة شريان الاقتصاد العالمي بعد زوال الجائحة
» لجنة الإقتصاد في السراي: صندوق النقد أساسي للنهوض من الوضع الراهن
» منتدى حوكمة الإنترنت العالمي في زمن الأزمات
» تركة الـ 27 والحصار
» صور: دفع فاتورة الكهرباء بعد التسعيرة
» جولة للملحقين الاقتصاديين في "البحوث الصناعية"
» هذه هي طريقة احتساب تعرفة العدادات
» ارتفاع اسعار المحروقات
» أوجيرو تبدأ العمل بنظام الفوترة T.One
» ابو فاعور شكل لجنة الالتزام البيئي للمصانع
» افرام يقدم حلاً لمحطة كهرباء الزوق
» لبنان يتبنى ترشيح حايك لرئاسة البنك الدولي
» ازدحام امام وداخل كهرباء حلبا
» المشاريع الانمائية في طرابلس وزغرتا
» "العمالي" يتمسّك بشقير رئيساً "للهيئات"
» اللقيس: لإعادة الإنتاج الزراعي الى الخليج
» فنيانوس: طريق شكا سالكة بجزء كبير
» زياد حايك يترشّح لرئاسة البنك الدولي
» توقيع مذكرة بين الدولة واتحاد المهندسين
» تباطؤ متواصل في حركة مرفأ بيروت في ك2
» الحسن عالجت ازمة الشاحنات العمومية
» سوريا: 100 ألف شقة في السكن «الشعبي» هذا العام
» مسعد: لارقام واقعية تخفض العجز فعليا
» زمكحل: الثقة الحقيقية من الشعب
» عون يؤكد دعم الصناعة والقطاعات الانتاجية
» رفع انتاج الكهرباء ابتداء من مساء اليوم
» الحريري يبحث في الخطوات المستقبلية لسيدر
» بحث بكيفية إدارة سوق للخضار في طرابلس
» المركزي السوري بصدد إصدار شهادات إيداع إسلامية
» السياح الاكثر انفاقا في لبنان
» التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية
» 150 شخصية إماراتيّة في بيروت منتصف اذار
» توقيع مرسوم بفتح سلفة خزينة للكهرباء
» لماذا تتباطأ القروض السكنية؟
» اعتراض طرابلسي على قرار جمركي
» الحكومة السورية تدعم المستثمرين بإجراء جديد
» تعميم لـ"المال" على الوزارات والإدارات
» بنك بيروت يوقّع إعلان الإدارة الحكيمة والنزاهة
» الاجراءات بحق مرفأ طرابلس خاطئة
» أبو فاعور: لجنة للكشف على مصانع البقاع
» العلاقات التجارية بين لبنان وبريطانيا
» ارتفاع اسعار المحروقات
» "الكهرباء: "هل يصلح العطار ما افسده الدهر؟
» إقفال محال تجارية يشغلها سوريون
» الإمارات توقع اتفاقية تحرير التجارة في الخدمات بين الدول العربية
» لبنان يستضيف المؤتمر الدولي لوسطاء النقل
» ورشة عمل للفرانشايز مع الملحقين الاقتصاديين
» كركي: فسخ التعاقد مع مستشفى الأميركية
» "النقد الدولي": لبنان لم يطلب تمويلا
» الرئيس عون: مكافحة الفساد بدأت
» ثلثا اللبنانيين يشعرون بالإيجابية تجاه 2019
» أبو فاعور لوفد الصناعيين: منا الدعم ومنكم الضمانات
» عربيد: لضرورة أنسنة الاقتصاد والسياسات العامة
» انتخابات تجمع صناعيي وتجار المنية
» إفتتاح مركز أكاديمية Cisco للتدريب والتطوير
» مطالب مربي النحل في المتن الأعلى
محتويات العدد
175 : تصفح العدد
الأكثر قراءة
من يملك سوريا يملك مفتاح الطاقة في العالم
Thursday, March 6, 2014

أوروبا في اتفاقيات "غاز بروم" و"نا بو كو" و"برشين بايب لاين"
هل يرسم خط أنابيب الصداقة خارطة النظام الدولي الجديد؟
من يملك سوريا يملك مفتاح الطاقة في العالم

بقلم فارس سعد

منذ إطلاق رؤية الربط الإقليمي في مجالات الطاقة قبل نحو أربع سنوات (2009)، خطت سوريا عدداً من الخطوات الملموسة لربط شبكتي الغاز والنفط مع العراق والأردن والدول الإقليمية الأعمق مثل إيران وتركيا ومصر وأذربيجان. ووقعت دمشق عدداً من العقود مع عدد الدول لتحويل مشروعها الكبير في الربط بين البحور الخمسة: الأحمر، المتوسط، قزوين، الأسود والخليج العربي إلى واقع ملموس، غير أن انفجار الأزمة السورية أوقف هذا المشروع الكبير.

سنحاول في هذه العجالة أن نفكّك المركّب ونركّب المفكّك في مشروع الغاز الإيراني – العراقي – السوري والذي سميّ بخط أنابيب الصداقة أو كما أطلق عليه في الماضي "برشين بايب لاين" باهتمام بعض الدول مثل لبنان، كما أثار اهتمام دول جنوب أوروبا أيضاً، وكل ذلك عبر مشروع خط عملاق يربط إيران والعراق وسورية ولبنان لتصدير الغاز الى وجهته وحسب اتفاق الأطراف، ما يجسّد الربط الاستراتيجي في تكتل سياسي – اقتصادي فريد من نوعه. ولكن خلال العامين الماضيين اصطدم هذا المشروع بتحديات أمنية جديدة بعد التغيرات الحاصلة في المنطقة خصوصاً في الساحتين السورية والعراقية.

خطوط الطاقة العالمية

يحتاج الحدث في المنطقة إلى عقول تتجاوز التحليلات الآنية التي تغص بها إحداثيات العمل الإعلامي الذي يُعنى (بالماكرو) سياسة على حساب (الميكرو) سياسة.. إلا أنه لم يكن استهداف الشرق الأوسط بهذا الحجم من الصراع الدولي.. ببعيد من الصراع على الغاز في العالم والشرق الأوسط.

يشكل الغاز فعلياً مادة الطاقة الرئيسة في القرن الواحد والعشرين سواء من حيث البديل الطاقي لتراجع احتياطي النفط عالمياً أم من حيث الطاقة النظيفة. ولهذا.. فإن السيطرة على مناطق الاحتياطي (الغازي) في العالم تعتبر بالنسبة الى القوى القديمة والحديثة أساس الصراع الدولي في تجلياته الإقليمية.

واضح أن روسيا قد قرأت الخارطة وتعلمت الدرس جيداً.. فسقوط الاتحاد السوفياتي كان بسبب غياب موارد الطاقة العالمية عن سيطرته.. لتضخ إلى البنى الصناعية المال والطاقة.. وبالتالي البقاء. ولذلك تعلمت أن لغة الطاقة الآتية إلى القرن الواحد والعشرين على الأقل هي لغة الغاز.

لقد تلمس الروس بعد سقوط الاتحاد السوفياتي أن الصراع على التسلح قد أنهكهم وسط غياب عن عوالم الطاقة الضرورية لأي دولة صناعية.. فيما كان الأميركيون يتحركون في مناطق النفط عبر عقود عدة مكنتهم من النمو ومن السيطرة على القرار السياسي الدولي بلا منازعات كبيرة. ولهذا تحرك الروس باتجاه مكامن الطاقة (النفط والغاز). وعلى اعتبار أن القسمة الدولية لا تحتمل المنافسة في قطاعات النفط كثيراً.. عملت موسكو على السعي إلى ما يشبه (احتكار) الغاز في مناطق إنتاجها أو نقلها وتسويقها على نطاق واسع.
على هذا سارعت موسكو الى العمل على خطين استراتيجيين: الأول.. التأسيس لقرن روسي – صيني (شنغهاي) يقوم على أساس النمو الاقتصادي لكتلة شنغهاي من ناحية.. والسيطرة على منابع الغاز من ناحية أخرى.. وبناء عليه.. فقد أسست لمشروعين أولهما هو مشروع السيل الجنوبي.. وثانيهما هو مشروع السيل الشمالي.. وذلك في مواجهة مشروع أميركي لاقتناص غاز البحر الأسود وغاز أذربيجان؛ وهو مشروع نابوكو.

المشروع الروسي في شقيه الشمالي والجنوبي والذي يقطع الطريق عبر التالي:

أ‌- السيل الجنوبي: ويمر من روسيا إلى البحر الأسود فبلغاريا ويتفرع إلى اليونان فجنوب إيطاليا وإلى هنغاريا فالنمسا.

ب‌- السيل الشمالي: وينتقل من روسيا إلى ألمانيا مباشرة.. ومن فاينبرغ إلى ساسنيتز عبر بحر البلطيق من دون المرور ببيلاروسيا.. وهو ما خفف الضغط الأميركي عليها.

المفروض أن مشروع نابوكو كان من المقرر أن يسابق المشروعين الروسيين.. إلا أن الأوضاع التقنية أخرت المشروع إلى عام 2017 بعد أن كان مقرراً عام 2014.. ما جعل السباق محسوماً لمصلحة روسيا.. في هذه المرحلة بالذات..ما يستدعي البحث عن مناطق دعم رديفة لكل من المشروعين وتتمثل في:

1. الغاز الإيراني الذي كانت تصرّ الولايات المتحدة على أن يكون رديفاً لغاز نابوكو ليمر في خط مواز لغاز جورجيا (وإن أمكن أذربيجان) إلى نقطة التجمع في أرضروم (Erzurum) في تركيا.

2. غاز منطقة شرق المتوسط (سورية ولبنان و"إسرائيل").

3. خط الغاز المقبل من الربع الخالي السعودي الذي لا طريق له إلا سورية.

4. خط الغاز القطري الذي لا طريق له نحو أوروبا إلا سورية أيضاً والذي يجب منع مروره لأنه عتلة المنافسة الأميركية لسيطرة روسيا على عصر الغاز.

الصين على الخط

يشكل التعاون الروسي – الصيني في مجال الطاقة القوة الموجهة للشراكة الاستراتيجية الصينية – الروسية.. وهو ما يراه الخبراء دليلاً اضافياً يقف وراء الفيتو المشترك لمصلحة سورية في مجلس الأمن.

وهنالك فضلاً عن التعاون في الطاقة مصالح استراتيجية أخرى تتمثل في التصور المشترك الروسي – الصيني لمخاطر المشروع الأميركي المسمى بالدرع الصاروخية ذلك أن واشنطن تشرك اليابان وكوريا الجنوبية في ذلك المشروع. كما تتقاطع مخاوف موسكو وبكين من تحرك واشنطن لإعادة إحياء استراتيجية آسيا الوسطى المدعو (طريق الحرير) وهو توجه مشروع آسيا الوسطى الكبير نفسه الذي طرحه جورج بوش الأب لدحر النفوذ الروسي والصيني في آسيا الوسطى بالتعاون مع تركيا لحسم الموقف في أفغانستان عام 2014 وترتيب النفوذ (الناتوي) هناك والإشارات المتزايدة لرغبة أوزبكستان في القيام بدور المضيف للناتو في هذا المشروع. وهنا يقدر الرئيس الروسي فلادمير بوتين بأن ما يمكن أن يحبط غزو الغرب بشكل أساسي للرواق الخلفي الروسي لآسيا الوسطى هو اتساع الفضاء الاقتصادي الروسي المشترك مع كازاخستان وبيلاروسيا بالتعاون مع بكين بالنسبة الى كازاخستان.

موقع إيران.. وأهدافها

تعتبر إيران ثاني أكبر منتج للغاز في العالم بعد روسيا، وهي تنتج حالياً أكثر من 4 تريليونات قدم مكعبة سنويا من حقول الغاز ويبلغ الاحتياطي المؤكد من الغاز نحو 974 تريليون قدم مكعبة سنوياً، فهي ترتبط في الوقت الحاضر بشبكات خطوط أنابيب تصدير الغاز الإقليمية من خلال عدد من الخطوط، أهمها خط إيران - تركيا بطول 2577 كم، وخط إيران - باكستان بطول 800 كم، وخط إيران - تركمانستان بطول 30 كم، وترتبط أيضا من طريق خط تركمانستان بخط تصدير الغاز الصيني الذي يمتد من تركمانستان إلى أوزبكستان وكازاخستان إلى داخل الصين، والذي يصل طوله إلى 6800 كم، ويؤمن نسبة كبيرة من احتياجات «الصين» من الغاز الطبيعي. كما أن إيران ترتبط بخط القوقاز وخط التصدير إلى أوروبا من طريق خط تركيا، وقد وقعت اتفاقية تستطيع من خلالها أن تمد خط إيران - باكستان إلى الهند والذي تتراوح تقديرات تكلفته بين 1.5 و1.8 مليار دولار، حيث يؤمن لها الوصول إلى واحد من أهم أسواق استهلاك الغاز الطبيعي في آسيا، إضافة إلى خط أنابيب إيران - أرمينيا وهو خط أنابيب لنقل الغاز يبلغ طوله 140 كم، يمتد من تبريز في إيران إلى سارداريان في أرمينيا، وهو بقطر 700 ملم والطاقة التصميمية القصوى للخط تبلغ 2.3 مليار متر مكعب من الغاز سنوياً.‏
أما في ما يخص الاتفاقية «الإيرانية -العراقية- السورية» فقد رأت الحكومة الإيرانية أنها أكبر اتفاقية في الشرق الأوسط لنقل الغاز الإيراني، إذ نصت تلك الاتفاقية على تدشين خط أنبوب لنقل الغاز بتكلفة 10 مليار دولار، ويبلغ طوله 5600 كيلومتر حيث يتم نقل 110 ملايين متر مكعب من الغاز الإيراني يومياً. وكانت المحادثات بين إيران والعراق وسوريا قد بدأت منذ مطلع عام 2009 بشأن تصدير وعبور الغاز الإيراني من إيران إلى العراق ومن ثم إلى سوريا والدول الأوروبية.‏

يتوجب القول أن خط أنابيب الصداقة يمنح كل الدول المشاركة فيه ميزات وقدرات متعددة الأمر الذي سيجعل هذه الدول لا تغمض عينيها عن النفع الذي ستحققه من وراء هذا المشروع. ويستطيع هذا الخط أن يزيد من قدرة دبلوماسية الغاز الإيراني في مواجهة المنافسين الإقليميين بحيث ستكون الخطوة اللاحقة جعل الأماني الإيرانية في تصدير الغاز إلى دول الاتحاد الأوربي حقيقة واقعية.
فبالقرار الذي اتخذته إيران ووقعت اتفاقياته لنقل الغاز عبر العراق إلى سوريا في شهر يوليو 2011 تصبح سوريا هي بؤرة منطقة التجميع والإنتاج بالتضافر مع الاحتياطي اللبناني.. وهو فضاء استراتيجي – طاقي يُفتح لأول مرة جغرافياً من إيران إلى العراق إلى سوريا فلبنان وباتجاه أوروبا. وهو ما كان من الممنوعات غيرالمسموح بها لسنين طويلة خلت؛ الأمر الذي يفسر حجم الصراع على سوريا ولبنان في هذه المرحلة وبروز دور لفرنسا التي تعتبر منطقة شرق المتوسط منطقة نفوذ تاريخية ومصالح لا تموت.. وهو دور ينسجم مع طبيعة الغياب الفرنسي منذ الحرب العالمية الثانية ما يعني أن فرنسا تريد أن يكون لها دور في عالم (الغاز) حيث اقتطعت لنفسها بوليصة تأمين صحي بخصوصه في ليبيا وتريد بوليصة تأمين على الحياة به في كل من سوريا ولبنان.

في هذا الوقت.. تشعر تركيا انها ستضيع في بحر صراع الغازما دام مشروع نابوكو متأخرا.. ومشروعا السيل الشمالي والسيل الجنوبي يستبعدانها.. فيما غاز شرق المتوسط قد بات بعيداً من نفوذ نابوكو وبالتالي تركيا.

وتعد إتفاقية "خط أنابيب الصداقة" ذات أهمية استراتيجية كبيرة بالنسبة الى الجانب الإيراني لأنها تسمح للغاز الطبيعي بالوصول إلى الساحل السوري الأمر الذي يسمح لها بتصديره إلى أسواق جديدة، وهذا ما يشكل ضربة اقتصادية للمحور القطري- التركي- الأميركي الذي يسعى الى مد خط غاز عبر فلسطين المحتلة والأراضي السورية، تنفذه شركة مابكو وتأتي هذه الاتفاقية التي جرى توقيعها في إيران في سياق جملة تفاهمات واتفاقيات دولية لمد خط للغاز الطبيعي الإيراني إلى أوروبا بالاتفاق مع الشركة العملاقة الروسية غازبروم، التي تدرس إمكانية مد خط للغاز الطبيعي في عمق المتوسط يربط الساحل السوري بأحد السواحل الأوربية ليدعم المشروع الروسي "السيل الشمالي".

العراق والخط الغازي

وللجمهورية العراقية أهداف استراتيجية جمّة عبر هذا الخط الاستراتيجي، وكونه أن العراق يحتل المرتبة الثالثة عشرة بين الدول التي تعتبر منبعا لاحتياطي الغاز في العالم، إلا أن هذه المنابع ما زالت إلى حد كبير من دون استثمار، وخلال السنوات الأخيرة خطت الحكومة العراقية خطوات في مجال إنتاج وتصدير الغاز، عبر إجراء مناقصات لتسليم حقول الغاز إلى شركات دولية ومع ذلك ما تزال تواجه أزمة مع تصاعد الطلب الداخلي على الغاز، كما تتطلع بغداد إلى قضايا أخرى كحقها في عبور الغاز الإيراني من خلال أراضيها إلى غرب آسيا حتى أوروبا، كما تتطلع في المستقبل الى المنافسة مع تركيا لأداء دور في ترانزيت الغاز وتصديره من طريق هذا الخط إلى غرب آسيا ومنها إلى أوروبا، هذا وقد طبق برنامج حُدد مسبقاً حيث كان من المقرر في المرحلة الأولى أن يتم تشغيل خط أنابيب الصداقة منتصف العام 2013 ليصل إلى العاصمة بغداد، وسيحصل العراق من خلاله على 20-25 مليون متر مكعب من الغاز، وهي كمية يمكن أن تؤمن جزءا من احتياجات العراق وخاصة احتياجات المحطات في هذا البلد.

سورية.. مفتاح المرور

كان الترتيب العالمي للغاز يتأرجح بين روسيا وتركمانستان واذربيجيان وجورجيا وإيران وقطر.. وباتت الدراسات تتحدث عن ترتيب جديد يقره واقع المخزون الاستراتيجي الجديد حيث أولا روسيا: (في حوض غرب سيبيريا: باحتياطي يُقدّر بـ 643 تريليون قدم مكعب) وثانياً الربع الخالي (426 تريليون قدم مكعب)+ حقل غوار الكبير شمال شرق السعودية (227 تريليون قدم مكعب) .. و ثالثاً غاز البحر الأبيض المتوسط 345 تريليون+5.9 مليارات برميل من الغازات السائلة +1.7 مليار برميل من النفط .. وجلّ ذلك في سوريا.. حيث تتحدث دراسات أخرى عن أن ما يُرى في البحر المتوسط مركزه في سوريا وأن اكتشاف حقل «قارة» بما يحقق 400 الف متر مكعب يومياً قد حسم أمر واقع ثراء سوريا بالطاقة وصولاً إلى اعطائها المرتبة الأولى.. ورابعاً حزام حقول الغاز على امتداد الخليج العربي (حزام زاغروس) من إيران إلى العراق(212 تريليون قدم مكعب).

مع بدء «اسرائيل» عام 2009 استخراج النفط والغاز بات واضحاً أن حوض المتوسط قد أصبح داخل اللعبة وأن سوريا إما إلى هجوم عليها أو إلى سلام في المنطقة لأن عصر الطاقة النظيفة هو القرن الواحد والعشرين.

تقول المعلومات إن هذا الحوض هو الأثرى في العالم بالغاز حيث يؤكد معهد واشنطن أن سوريا ستكون الدولة الأغنى وأن الصراع بين تركيا وقبرص سيستعر نظراً الى عدم قدرة أنقرة على تحمل خسارتها لغاز نابوكو (رغم أن موسكو وقعت عقداً في 28/12/2011 مع أنقرة اتفقتا فيه لتمرير جزء من السيل الجنوبي عبر أراضيها).

إن معرفة السر الكامن في الغاز السوري سيُفهم الجميع حجم اللعبة على الغاز لأن من يملك سوريا يملك الشرق الأوسط وبوابة آسيا ومفتاح بيتروسيا (حسب كاترين الثانية) وأول طريق الحرير (حسب الصين).. والأهم من يملك الدخول عبرها إلى الغاز يملك العالم خصوصاً أن القرن الحالي هو قرن الغاز. وبتوقيع دمشق اتفاقا لتمرير الغاز الإيراني عبر العراق إليها ومن ثم الى البحر المتوسط يكون الفضاء الجيوسياسي قد انفتح والفضاء (الغازي) قد أغلق على غاز نابوكو شريان الحياة وقال: "إن سوريا هي مفتاح الزمن المقبل".
بات واضحاً أن السيطرة على الموارد وعلى رأسها الطاقة النظيفة هي الممر الأمثل نحو تشكيل النظام العالمي المتعثر التبلور منذ عام 1991 .. وظهر جليّاً ان السيطرة على الغاز وعلى طرق نقله هي مركز الصراع وهذا ما تجلى في الصراع الذي يدور منذ 2011-2014 على أرض سوريا.. إذ بدا أن تقاطب القوى في الصراع يتعدى بالتأكيد الأسباب الداخلية ويتجاوز حتماً مسألة المياه الدافئة أو قاعدة عسكرية لوجستية في ميناء طرطوس السوري.

يبقى السؤال: لماذا سوريا ؟

ذلك البلد الأكثر علمانية في المنطقة والذي يشهد تعايشاً لا مثيل له في العالم بين شرائح المجتمع ذات الانتماءات الدينية والطائفية والإثنية المتنوعة منذ آلاف السنين. ولماذا يحارب الغرب الجماعات الدينية المتطرفة في كل أنحاء العالم ويدعوهم إرهابيين بينما يدعمهم في سوريا ويدعوهم مناضلين في سبيل الحرية؟

أسئلة يمكن أن تتضح إذا أخذنا في الاعتبار البعد الاقتصادي للتراجيديا السورية. وهناك كل البراهين لافتراض أن الغرب بمساهمته في تدمير جذوره الثقافية والتاريخية الكامنة في سوريا إنما يعمل ذلك مدفوعاً وراء احتياطات الطاقة وبالذات الغاز المصدر الجديد في القرن 21.

ومن وجهة النظر هذه فإن المشاكل الجيوسياسية المرتبطة باستخراج ونقل واستهلاك الغاز هي في بؤرة اهتمام اللاعبين الكبار.
الصراع يدور حول هل ستمر أنابيب الغاز باتجاه أوروبا وفقاً لخطوط العرض الجغرافية: من إيران مروراً بالعراق إلى شواطئ البحر الأبيض المتوسط السورية أو سينتصر الخط الآخر وفقاً لخطوط الطول من قطر فالسعودية فالأردن فسوريا إلى تركيا ؟.

لقد فهم الغرب أن خط نابوكو المزود من قبل تركمانستان وأذربيجان عبر تركيا إلى أوروبا لن يكون موازنا للتوريدات الروسية عبر السيل الجنوبي للغرب وبالتالي ستبقى تبعية الغرب مستمرة لروسيا في موضوع الطاقة وما يعني ذلك في لعبة الأمم. ولهذا أخذ الغرب بالإسراع في التوجه الى احتياطيات الخليج الغازية الضخمة وهنا تُعتبر سوريا اللاعب المركزي على هذا المحور .

مالت سوريا نحو الخيار الإيراني والروسي ولهذا اُتخذ القرار في العواصم الغربية أنه لابد من استبدال النظام في سوريا ليصبح تابعاً للغرب وضامنا لمصالحه.

ليس من الصعب الملاحظة أن الأحداث في سوريا بدأت بالتفجر متزامنة مع التوقيع على مذكرة تفاهم في 25 حزيران 2011 في مدينة بوشهر الإيرانية حول بناء خط الغاز الذي يربط إيران بسوريا عبر العراق بطول 1500 كم وبعد ذلك عبر قعر البحر إلى اليونان من دون المرور بتركيا كما يلحظ المشروع خيار تزويد أوروبا عبر المرافئ السورية عبر البحر الأبيض المتوسط وبهذا تصبح سوريا دولة ترانزيت عالمية للغاز بدلاً من تركيا التي أحست أن موقعها قد تراجع كدولة الترانزيت الأولى في العالم للغاز بعد تأجيل مشروع نابوكو حتى 2017 واعتماد سوريا الخيار الإيراني بدلا من القطري وما زاد الأمر سوءاً بالنسبة إلى الغرب الاكتشافات الجديدة للغاز والنفط في سوريا برها وبحرها والتي أعلن عنها في آب 2011 والتي من الممكن أن ترفعها إلى مصاف الدول المنتجة للغاز على المستوى العالمي! .

لماذا حمص والقصير؟.

تعتبر حمص ومفتاحها القصير نقطة التقاطع المركزية لكلا المشروعين الإيراني والقطري ويُضاف إلى ذلك الاحتياطات الكربوهيدرونية الواعدة المُكتشفة في محيطها ولهذا ليس من الغريب أنه وفي محيط هذه المدينة دارت المعارك الطاحنة وهنا تقرر مصير سوريا.
إن تلك المناطق من الأراضي السورية حيث تموضعت فصائل من المرتزقة الذين يلقون الدعم القطري والتركي والسعودي تطابق مع المسار الذي يجب أن يعبره خط الغاز القطري مروراً بـ "إسرائيل" وإلى طرابلس لبنان وإلى تركيا، إن مقارنة خريطة الأعمال القتالية مع خريطة مسار الخط الغازي القطري تشير إلى الارتباط الوثيق بين النشاط المسلح والرغبة في السيطرة على هذه الأراضي السورية. وفي حال نجاح مشروعهم تتحقق أهداف الحلفاء الغربيين لقطر:

1ـ التخلص من هيمنة روسيا على سوق الغاز في أوروبا بإيجاد بديل قطري.
2ـ تحرير تركيا من ارتباطها بالغاز الإيراني.
3ـ توفير إمكانية لـ "إسرائيل" للاستفادة من الخط الأرضي لتصدير غازها إلى أوروبا بكلفة أقل !

الخاتمة.

أظهر محلل جريدة Asia Times بيبي اسكوبار في مقالة أن قطر عقدت صفقة مع الإخوان المسلمين وبموجبها يدعم انتشارهم العالمي مقابل اتفاقية سلام داخل قطر.

إن إقامة نظام للإخوان المسلمين في الأردن وسوريا وتحالفه مع إخوان تركيا سيغير مواقع القوى في السوق العالمية للغاز لمصلحة قطر ضد مصالح روسيا وإيران وسوريا والعراق وطبعاً ضد المصالح الصينية أيضاً.

إن الحرب في سوريا موجهة أساساً لدعم المشروع القطري وضرب اتفاقية إيران – عراق – سوريا .

إنها لعبة المصالح الكبيرة ولا رادع للوسائل المُستخدمة مهما كانت دنيئة فالشعوب هي التي تدفع الثمن بدمها وبضحايا أبنائها.

 

الكاتب: فارس سعد
المصدر: مجلة الصناعة والاقتصاد
الاقتصاد العربي
مناقصة مشروع الربط الكهربائي الخليجي - العراقي البحرين.. لا أهداف مالية لميزانية 2019 - 2020 موجودات المصارف العربية 3.4 تريليونات دولار مصر تسعى للتحول إلى مركز إقليمي للطاقة