تحت رعاية وحضور رئيس مجلس الوزراء اللبناني سعد الحريري، إفتتحت قبل ظهر اليوم الجمعة في 12 أيار 2017 في مركز بيروت للمعارض، فعاليات منتدى "تمويل إعادة الإعمار – مابعد التحولات العربية" الذي نظمه إتحاد المصارف العربية والإتحاد الدولي للمصرفيين العرب.
شارك في فعاليات المنتدى نخبة من القيادات المالية والمصرفية والمنظمات العربية والدولية إضافة إلى رؤوساء الهيئات الإقتصادية في لبنان يتقدمهم حاكم مصرف لبنان الأستاذ رياض سلامه، ورئيس إتحاد المصارف العربية الشيخ محمد الجراح الصباح، الدكتور جوزف طربيه رئيس اللجنة التنفيذية لإتحاد المصارف العربية ورئيس الإتحاد الدولي للمصرفيين العرب، وأمين عام إتحاد المصارف العربية الأستاذ وسام حسن فتوح.
طربيه
النشيد الوطني اللبناني إفتتاحاً، ثم كانت كلمة الإفتتاح لرئيس جمعية المصارف في لبنان جوزيف طربيه، فأكد مواصلة اتحاد المصارف العربية عقد لقاءاته ومؤتمراته الرامية الى حشد القيادات الحكومية والمصرفية والمالية والإقتصادية لمتابعة ومناقشة التطورات الإقتصادية والمالية العالمية والعربية وانعكاساتها وما خلّفته من تحديات أمام اقتصاداتنا العربية وقطاعاتنا المصرفية.
وأضاف طربيه، في كلمته خلال مؤتمر "تمويل إعادة الإعمار - ما بعد التحولات العربية" في البيال، أن " الدمار الناجم عن الحروب الطاحنة في المنطقة العربية قد طال المجتمع والإنسان والبنى التحتية من طرق وجسور ومحطات انتاج ونقل وتوزيع الطاقة والمرافق الحيوية والممتلكات الخاصة بالإضافة الى قطاعاتنا الإقتصادية والإنتاجية من دون استثناء".
وتابع: "هذا الحجم من الدمار يستلزم تأمين أموال طائلة لإعمار ما تهدّم لإعادة هذه الدول الى ما كانت عليه قبل الحروب...
وليس من الصدفة ان ينعقد هذا المؤتمر على أرض لبنان البلد الذي مرّ خلال نصف القرن الماضي بحروب داخلية وخارجية دمرت بنى تحتية ومدن وقرى...ثم نهض لبنان من كبوته كطائر الفينيق. وما كان هذا النهوض ممكناً لولا إعادة الإعمار للنفوس أولاً من خلال عوة الوفاق السياسي...ومن خلال بنية اقتصادية وضعت الأساس للنهوض الإقتصادي والعمراني الذي أمن لها الرئيس رفيق الحريري التمويل من داخل لبنان وخارجه".
وأشار الى انه لا يوجد أرقام دقيقة لحجم الأضرار "ولكن هناك تقديرات مجمّعة من مختلف المصادر المحلية والدولية"، مضيفاً أن تكلفة إعمار البنى التحتية في الدول التي دمّرتها الحروب والنزاعات تبلغ حوالي تريليون دولار وأن الخسائر الصافية في النشاط الإقتصادي تجاوزت الـ600 مليار دولار.
الجراح
وكانت كلمة للشيخ الجراح مما جاء فيها: "أراد إتحاد المصارف العربية من عقد هذا المؤتمر أن يستبق الأمور ويسير جنباً إلى جنب مع المساعي الإقليمية والدولية لوضع حدّ للحروب والنزاعات بإنتظار إطلاق مشاريع إعادة إعمار وبناء ماهدّمته هذه الحروب. حيث للقطاع المصرفي العربي دور كبير في إعادة البناء والإعمار، وفي هذا المجال لا بدّ من دراسة كيفية تمويل إعادة الإعمار من حيث المبالغ المطلوبة ومصادر تأمينها وتكلفتها وشروط الحصول عليها، ولا بد من التركيز على الدور الذي يمكن أن يلعبه القطاع المصرفي العربي للمساهمة في التخفيف من هذا العبء الضخم ".
أضاف: "إن الهدف من هذا المؤتمر بالنسبة لإتحاد المصارف العربية، هو مشاركة القطاع المصرفي العربي في وضع الإستراتيجيات والسياسات التمويلية المطلوبة لتأمين الأموال اللازمة لتسريع عجلة الإعمار والتنمية، وذلك عبر آليات وهندسات تمويلية طويلة الأجل متفق عليها من قبل المصارف والحكومات. كما نسعى من خلال هذا المؤتمر إلى دعوة مصارف القطاع العام لمناقشة وسائل وآليات وهياكل تمويلية غير تقليدية، تستفيد من التجارب الدولية العديدة في إعادة إعمار ما بعد الحروب، خصوصاً وإننا أمام فرص إستثمارية تقدّر بعشرات المليارات من الدولارات".
وختم: "أمام هذا الواقع، وفي مواجهة تحدي إعادة البناء والإعمار، علينا أن نعمل على صياغة توجهات لهذا المشروع الإعماري الكبير، بما يساعد على الإستفادة المتبادلة من الإمكانات والموارد المتوافرة لدى دولنا العربية ككتلة إقليمية قادرة على الإستمرار والتواصل ".
شقير
ثم كانت كلمة لرئيس الغرف اللبنانية محمد شقير مما جاء فيها:
"إن موضوع إعادة بناء وإعمار ما دمرته الحروب والنزاعات العربية، هي قضية ضخمة وتكاليفها المالية هائلة وهي تقدر بمئات مليارات الدولارات.
لذلك نحن كقطاع خاص نرى أن هذا المنتدى اليوم يشكل محطة أولى وأرضية أساسية لابد منها، لإطلاق دينامية أكبر بمشاركة المصارف المركزية والصناديق العربية وحكومات الدول العربية، لرسم إستراتيجية إعادة البناء والإعمار وكيفية كلفتها، لطرحها على مؤتمر دولي يخصص لهذا الموضوع".
أضاف: "بالنسبة لنا كقطاع خاص لبناني، وبما لدينا من خبرات كبيرة في هذا المجال، جاهزون للمشاركة بفعالية في عملية إعادة الإعمار، ونحن خلال الفترات الماضية تواصلنا مع الكثير من مؤسسات القطاع الخاص العربية والأجنبية لخلق شراكات ضخمة وبمواصفات عاليمة تكون على قدر حجم هذه العملية".
سلامة
واخيرا إعتبر حاكم مصرف لبنان رياض سلامة أن :" الحروب تدمّر البنية التحتية والانتاجية في الاقتصاد ودور الدولة التشريعي والمالي، والأهم أنّها تدمّر الثقة."
وقال:"إن النظام المصرفي في العالم بالإضافة الى مقررات "بازل 3" تجعل مسألة تمويل إعادة بناء الدول العربية التي عاشت وتعيش حروباً بشكل فردي أمر صعب، وعلى كل دولة تأمين إمكانياتها الذاتية مما سيرتب كلفة على شعوبها."
كما اوضح سلامة ان الحرب أدت إلى إرتفاع الفوائد وإنهيار العملة، ففي العام 1985 وصلت الفائدة على الليرة اللبنانية الى 37%، وعادت في العام 2016 الى 5.35%، وكما ذكرنا بالنسبة للدولار الاميركي الإرتفاع كان من الليرتين و35 الى 2420 .
إعتمد لبنان على الدعم الخارجي العربي والدولي ايضاً، إنما كان المصدر الأهم لتمويل القطاع المصرفي هو مصرف لبنان، سعى لبنان إلى إعادة بناء الدولة وإعادة تنظيم المداخيل وتثبيت الليرة اللبنانية حماية للقدرة الشرائية التي كانت إنعدمت في الحرب. إذ وصل الحد الأدنى للأجور في العام 1987 الى 18 دولاراً في الشهر وها نحن اليوم وصلنا الى حوالي 450 دولاراً على صعيد شهري.
تُقدر اضرار التكاليف الاقتصادية للحروب الثلاثة الاهم (ليبيا، اليمن وسوريا) بمئات المليارات، وهي بالتأكيد فرصة للإستثمار حينما يحلّ السلام وختم سلامة متسائلاً :" ولكن من سيموّل هذه الورشة؟"