أعلن رئيس جمعية المصارف الدكتور جوزيف طربيه أن «موضوع العقوبات الاميركية سياسي بامتياز، وبالتالي المقصود من هذه العقوبات ليس القطاع المصرفي، إنما جهات أخرى، وقد تؤثر في الاقتصاد الوطني والقطاع المصرفي اللبناني»، ونفى إمكان فرض عقوبات على رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري، وقال «لا يمكن فرض عقوبات على رموز السلطة في لبنان، وبالتالي لا يمكن أن نعمل تحت سلطة ونطبّق قوانينها وأن تكون موضع معاقبة»، مؤكداً أن «مشروع القانون لا يزال قائما وبالتالي لا نعلم متى صدوره، ومكتب المحاماة الذي يتولى شؤون الجمعية في الولايات المتحدة الاميركية وهو سيتابع الموضوع حتى النهاية».
كلام طربيه جاء في مؤتمر صحافي عقده امس في مقرّ الجمعية، خصّصه للحديث عن زيارة الوفد المصرفي الأخيرة إلى الولايات المتحدة الأميركية، في حضور نائب رئيس الجمعية سعد أزهري، عضو جمعية المصارف جورج صغبيني، الأمين العام للجمعية مكرم صادر.
وقال طربيه: أتوجّه باسمي الشخصي وباسم مجلس إدارة جمعية مصارف لبنان والأسرة المصرفية قاطبة بأصدق التهاني لسعادة الاستاذ رياض سلامة بمناسبة تجديد الثقة به حاكماً لمصرف لبنان، وبخالص الشكر للسلطات اللبنانية الرسمية ولا سيما الرؤساء الثلاثة ميشال عون ونبيه بري وسعد الحريري، كما لجميع اعضاء مجلس الوزراء بخاصة وزير المال علي حسن خليل على اتخاذ قرار التجديد هذا، والذي سبق لنا أن نادينا به منذ مدة.
فسعادة الحاكم رياض سلامة برهن طوال العهود الأربعة التي اضطلع فيها بمهام الحاكمية، عن قدر عالٍ من المسؤولية الوطنية، وعن مستوى نادر ورفيع من الخبرة والحكمة والحنكة وعن موثوقية استثنائية لدى المؤسسات والمراجع المالية والمصرفية العربية والعالمية التي تربطه بها علاقات وطيدة ما يجعله الرجل الأنسب لمتابعة تولي هذا المنصب البالغ الأهمية لا سيما في الظروف الدقيقة الراهنة، فله منا مجدداً أحرّ التهاني مشفوعة بعبارات الاحترام والتقدير وبتجديد وتأكيد الجمعية على مواصلة التعاون كالعادة مع الحاكمية والسلطتين النقدية والرقابية.
أردنا عقد هذا اللقاء معكم من أجل وضع الرأي العام اللبناني من خلالكم في أجواء زيارة الوفد المصرفي اللبناني الى الولايات المتحدة الاميركية وهي زيارة جرى التحضير لها بتأنٍ كبير وبالتشاور مع مكتب المحاماة الدولي الذي يتولى متابعة شؤون جمعية المصارف في الولايات المتحدة منذ سنوات، وشملت اتصالاتنا في واشنطن ونيويورك مختلف مراكز القرار الأميركية المعنية بموضوع اقتراح القانون الجديد الذي يجري إعداده والذي يتضمّن لائحة عقوبات تتناول «حزب الله» والجهات المقرّبة منه. وفي هذا الاطار التقى الوفد المصرفي اللبناني اعضاء في مجلسي النواب والشيوخ ومسؤولين كبار في وزارة الخزانة والمسؤول عن مكتب لبنان وسوريا في مجلس الامن القومي.
أما أبرز ما يهمّنا تبيانه في هذا اللقاء، فهو الوقائع الآتية :
- ان التنسيق بين وفد جمعية مصارف لبنان ووفد مجلس النواب اللبناني كان تاماً بحيث لم ينقطع التواصل بين الوفدين طوال فترة اقامتنا في الولايات المتحدة الاميركية، وذلك من منطلق الحرص على التحدث بلغة وطنية واحدة والدفاع عن مصلحة لبنان العليا قبل اي شيء آخر.
- لقد سمع الوفد المصرفي اللبناني في جميع لقاءاته، عبارات الإشادة بأداء القطاع لجهة الالتزام الكامل والدقيق بأصول العمل المصرفي السليم وبآليات الامتثال وتطبيق القواعد والعقوبات المتعلقة بمكافحة تبييض الاموال والارهاب والتهرّب الضريبي، وأثنى المسؤولون الاميركيون وممثلو المصارف الأميركية المراسلة لمصارفنا، على الحِرفية المهنية العالية التي أظهرتها المصارف اللبنانية في هذا المجال والتي أمّنت استمرار اندماج القطاع المصرفي اللبناني بسلاسة في النظام المالي العالمي وانسياب تعاملاته بشكل طبيعي مع الأسواق المالية الإقليمية والدولية.
وفي هذا السياق، أعرب الجانب اللبناني عن ضرورة تحييد القطاع المصرفي اللبناني عن أي انعكاسات سلبية قد تترتب من جراء أي عقوبات مالية جديدة يمكن ان تفرضها السلطات الاميركية على «حزب الله» والجهات المقرّبة منه، خصوصاً أن التشريعات الحالية المرعية الاجراء كافية وكفيلة بإلغاء الحاجة الى أي نصوص جديدة قد تترك تفسيرات غير مناسبة وتلحق ضرراً غير مبرر بلبنان وبعمل المصارف اللبنانية.
- جدّد الوفد اللبناني التأكيد على أن المصارف في لبنان نجحت تحت إشراف البنك المركزي في تطبيق قواعد الامتثال، وهذا التطبيق بمختلف آلياته لاقى قبولا لدى المرجعيات الدولية بما فيها وزارة الخزانة الاميركية، وان التشريع الجديد المقترح قد يتطلب في حال إقراره، إعادة نظر في كل الآليات الإجرائية الناجحة التي جرى تطبيقها والالتزام بها في لبنان.
- أعرب الجانب الاميركي عن اقتناعه بطروحات الوفد اللبناني التي أبرزت أهمية الحفاظ على الاستقرارين الامني والنقدي في لبنان، باعتبارهما الركيزتين الاساسيتين لاستقرار البلاد وسط البركان الاقليمي الذي يغلي من حولنا منذ سنوات والذي أصابت اضراره وحممه عدداً من دول المنطقة وأسفر محلياً عن تدفق حوالي مليون ونصف مليون من النازحين السوريين الى وطننا، مع ما خلفه ذلك من اعباء ومضاعفات سلبية على البنى التحتية المادية وعلى اوضاعنا الاجتماعية والاقتصادية، وشدد الوفد المصرفي على ان لبنان الذي لا يزال يرزح تحت هذه الضغوط، في غنى عن أي ضغوط إضافية من شأنها أن تعيد فيه عقارب الساعة الى الوراء وان تتهدّد الصمود اللافت الذي يبديه منذ سنوات، خصوصاً أن مختلف القوى السياسية اللبنانية تتعاون في المرحلة الراهنة لإخراج البلاد من أزماتها السياسية والاجتماعية والاقتصادية، وان المطلوب اليوم هو التأسيس على المبادرات التوافقية الأخيرة المتمثلة بانتخاب رئيس جديد للجمهورية وتشكيل حكومة وطنية جامعة تسعى إلى ضمان التفاف اللبنانيين حولها لتنفيذ برنامج نهوض اجتماعي واقتصادي واعد ومثمر في ظل أوضاع إقليمية بالغة الدقة والصعوبة.