عرض رئيس اتحاد المهندسين اللبنانيين جاد ثابت ثلاثة مواضيع إشكالية ترافق عمليات إعادة إعمار المدن المتضررة جراء الحروب، في محاضرة بعنوان "إعادة الاعمار في عصر العولمة" ألقاها في المؤتمر الدولي الذي نظمه قسم التخطيط في كلية الهندسة في الجامعة اللبنانية حول التراث المتضرر جراء الحروب في حوض البحر الأبيض المتوسط.
وقال ثابت: "إن نقابة المهندسين في بيروت نظمت قبل حوالي عشرين عاما وعقب نهاية الحرب الأهلية اللبنانية مؤتمرا مشابها "يبدو لي أن المواضيع التي تناولها ذلك المؤتمر وعالجها هي نفسها التي يتناولها مؤتمر اليوم".
واعتبر أن "هناك عددا من المواضيع التي تثار عادة في إعادة إعمار المدن المتضررة جراء الحروب وفي مقدمها "الأسئلة المتعلقة بالروابط بين الحداثة والتراث"، متسائلا "هل أن المسألة تتعلق ببناء المدن مجددا أم إعادة بنائها".
وطرح ثابت أسئلة عديدة حول هذا الموضوع منها "ألا يتضمن كل مشروع إعادة بناء بعض الحنين إلى الماضي؟" مشيرا في هذا الإطار إلى أنه "إذا كانت مشاريع إعادة الاعمار تطرح معالجة الأخطاء المرتكبة في السابق، ألا ينظر إلى الابتكارات في المناطق الحضارية على أنها في إطار مشروع عالمي يمنح إعادة بناء المدن عمقها التاريخي؟".
وتساءل أيضا: "إذا كان يفترض المحافظة على ذاكرة الماضي، فإلى أي ماض يجب الاستناد؟".
وقال: "إن مشروع إعادة إعمار بيروت التي تم تدمير أكثر من 80% من وسطها "اختار المحافظة على بعض الأجزاء المعزولة حيث اصبح التراث عندها أداة للتنمية في تطوير القطاع العقاري".
وطرح ثابت موضوعا اشكاليا يتعلق "بالمزج بين الاستمرارية والتحول في عمليات إعادة البناء"، متسائلا عما إذا كانت "عمليات إعادة الاعمار هي عمليات إعادة بناء بسيطة لاعادة الانطلاق من نقطة ما قبل الكارثة؟".
وحول الجداول الزمنية المختلفة لإعادة الاعمار، تساءل نقيب المهندسين عن "تعريف الأولويات في هذه العمليات وهي التي تكشف عن الخيارات الاستراتيجية والتوجهات التي تحدد مسار تطور المجتمع".
وقال: "إن الأولوية التي أعطيت لإعادة بناء المنازل، المدارس، المتسشفيات والتجهيزات العامة في المرحلة البطولية لإعادة إعمار بريطانيا بعد الحرب العالمية الثانية، كانت غير منفصلة عن إعادة بناء المباني العامة والتاريخية التي ميزت الاستمرارية الاقتصادية البريطانية عبر الزمن وصولا إلى عهد مارغريت تاتشر".
أضاف: "أما الموضع الثاني في هذا الإطار فيتعلق تحديدا بالأولوية التي تعطى لإعادة بناء البنية التحتية"، متسائلا: "هل يجب أن يكون من الأولوية تطوير شبكة الطرقات أم التشديد على وسائل النقل العامة؟ هل يجب زيادة عدد المباني والمنازل الفخمة أم التركيز على أولوية بناء مساكن شعبية؟ هل يجب الاصرار على تحديث وسائل الاتصال أم إعادة تأهيل البنى التحتة الصناعية والزراعية؟".
كما تناول ثابت موضوع العلاقة بين الاستراتيجيات الدولية والمشاريع المحددة، مشيرا إلى أن هذا الموضوع "يرتبط ارتباطا مباشرا بمسألة الأولويات والضرورات"، معتبرا أن "السؤال الأساس المتعلق بهذه المسألة هو الظروف التاريخية التي تحكم هذه العلاقة".
وختم بالاشارة إلى موضوع العولمة وعلاقتها بالخصوصيات المحلية، متسائلا حول "العلاقة بين التقنيات الحديثة والحاجات، والعلاقة بين الابتكارات التقنية والتطور"، مشددا بشكل خاص على مسألة الهوية، متطرقا الى "تحول مفهوم التراث في عصر العولة وتحديدا في منطقة البحر الأبيض المتوسط".