حوض المتوسط.. مشاريع السيطرة على منابع وخطوط الغاز
ترامب يصرخ.. أريد حصتي من الغاز السوري
ليس تفصيلاً ما نشره مركز فيريل للدراسات ـ برلين Firil Center For Studies Berlin. 02.، من خطط ومشاريع تستهدف المنطقة وخصوصاً، سورية، ولا سيما بعد اكتشاف الغاز على شواطئها، والنفط في باديتها.
وما زاد الطين بلة هو أن سورية نفسها كانت قد أبرمت مع العراق وإيران ولبنان اتفاقاً مبدئياً على مدّ حزمة بديلة للغاز الطبيعي لمنافسة أنابيب "نابوكو"، تبدأ من بحر قزوين وتنتهي عند السواحل اللبنانية، يزيد طولها على خمسة آلاف كيلومتر، لذا فإن المرحلة قضت بوجوب قيام أميركا باكتساح الدولة السورية بحشد من شذاذ الآفاق الذين شحذوا سكاكين المذهبية لتدمير الدولة السورية، بحيث تضمّن الاستحواذ على خطوط الغاز الآتية من مصر وفلسطين ولبنان، وتتمكّن من ربطها بخطوط "نابوكو" عبر سورية الواقعة الآن تحت الضغط التركي "النابوكي"، واستكمالاً لهذه الخطوة وافقت حكومة "إقليم كردستان" العراق على ربط أنابيب تصدير الغاز في شمال العراق بقناطر "نابوكو" من دون الرجوع إلى الحكومة المركزية في بغداد .
العقبة السورية الكأداء تفسر أيضاً سر ذلك السعار السعودي ـ القطري في محاربة الدولة السورية ودعمهم اللا محدود للإرهابيين فيها، فالرئيس بشار الأسد وبكل بساطة هو العائق الرئيسي، بل والوحيد، أمام تدفق الغاز السعودي القطري إلى أوروبا.
وفي الحروب، عادة ما يتم التركيز في وسائل الإعلام والفضائيات على الضحايا والدمار، وتهتمّ الشعوب بسير العمليّات العسكرية والأمنية. وينسى الجميع البُعد الجيو – سياسي، وكذلك الخلفيّات الاقتصادية – المالية للدول المتورّطة، ولمن يقف وراءها. وهذا ما ينطبق تماماً على المشهد الحالي في الإقليم، حيث تتجاوز الأحداث مسألة "إسقاط دكتاتور" من هنا أو مسألة "قمع مسلّحين متمرّدين" من هناك، وهي ترتبط مباشرة بمصالح حيويّة فائقة الأهمية للدول الإقليمية الأساسية، وللدول العظمى أيضاً… ولكن كيف ذلك؟
منذ بداية إطلاق هذه المعركة، شكل حوض الغاز السوري المكتشف في البحر محور الصراع، وظهر جليّاً ذلك في الحرب القائمة منذ 2011 على سورية.. إذ بدا أن تقاطب القوى في الصراع يتعدّى بالتأكيد الأسباب الداخلية السورية مثلما يتجاوز حتماً مسألة المياه الدافئة على أهميتها، بعدما حُسم أمر واقع ثراء سورية بالطاقة وصولاً إلى إعطائها المرتبة الأولى، وبحسب الباحث في مجموعة "أوراسيا" كريسبين هاويس، فـ "إنه يمكن لسورية أن تغير مجريات اللعبة" العالمية، ولكن هذا يحتاج إلى إزاحة الرئيس السوري بشار الأسد ليستطيع الغاز القطري والسعودي المرور عبر سورية ومنها إلى أوروبا، لتقليل اعتماد الأخيرة على الغاز الروسي.
يتركـز الاحتياطي السّـوري مـن الغــاز والبتــرول في الباديــة الســورية والسـاحل بواقـع 83%، بينمــا يوجــد في الجزيــرة الســورية فقــط 12%، خلافـاً لمـا هــو معــروف ومتــداول !!
وبحسب الدراسات الحديثة؛ تبـدأ آبــار الجزيــرة السورية بالنضــوب اعتباراً مـن عــام 2022، بينمـا بـاقي الحقــول في الباديــة والساحل، إن بــدأ اسـتغلالها عام 2018، ستبقى حتى عام 2051 على الأقل !!
- ترتيب سورية لعام 2008 في احتياطي الغاز كان في المرتبة 43 عالمياً، بواقع 240,700,000,000 متر مكعب، حسب List of countries by natural gas proven reserves. بينما كانت في المرتبة 31 باحتياطي البترول !!
أما في عام 2017: الاحتياطي السوري من الغاز في منطقة تدمر، وقارة، وساحل طرطوس، وبانياس، فهو الأكبر بين الدول الست، وهذا يجعل سورية، إن تمّ استخراج هذا الغاز "ثالث بلد مصدّر للغاز في العالم" !!
- سوف تحتل سورية مركز قطر، بعد روسيا وإيران، ويقدر مركز فيريل للدراسات احتياطي الغاز السوري بـ 28,500,000,000,000 متر مكعب!!
إنّ ثلاثة حقول غاز متوسطة الحجم شمال تدمر، تكفي لتزويد سورية كاملة بالطاقة الكهربائية، 24 ساعة يومياً، لمدة 19 سنة !!
- إن إصرار موسكو على الدفاع عن سورية، ليس فقط لتأمين منفذ لها على المتوسط، بل إن الأهم هو الغاز والبترول!!
فإنشاء قاعدة بحرية دائمة في طرطوس سببه بحر الغاز هناك، ونؤكد هنا؛ أنّ روسيا مستعدة لخوض حرب عالمية من أجل ذلك، فالمعارضة السورية لا تؤتمن حتى لو تعهدت لموسكو، فلن تعمل إلا وفق أوامر أميركية، وسوف تُسلّم الامتيازات للشركات الغربية !!
ولكن السؤال هو، هل تستطيع إيران أن تجد لها مقاماً على الساحل السوري يناظر القاعدة العسكرية الروسية؟؟
- الجزيرة السورية؛ وديرالزور وباديتها، سوف تنضب من البترول خلال السنوات القليلة المقبلة !!
لهذا، فإنّ دعم واشنطن لهم مرهون بهذه الثروة، ولهذا تدعم الولايات المتحدة الانفصاليين للوصول إلى دير الزور وجنوبي الرقة، عسى أن يستطيعوا ضمها إلى فيدرالية "طموحة جداً"، وهذا مستحيل !!
- إن قيام فيدرالية في محافظة الحسكة هو انتحار اقتصادي، خاصة بعد عام 2022، عندما تكون سورية من أوائل الدول المصدرة للغاز، بينما يكون غاز الجزيرة السورية قد شارف على النضوب إن لم يكن قد نضب !!
- أماخط غاز قطر (REAL Instigater behind all the Carniege in Syria ) فيكون قد انتهى، ولا أمل للدوحة بعد اليوم بمرور هذا الخط عبر الأراضي السورية وحلمها قد مات !!
والنتيجة مما سبق هي أن أي هدوء أو انتهاء للحرب في سورية، يعني
أنّ موازين القوى انقلبت فجأة لمصلحة دمشق عسكرياً واقتصادياً، لهذا سيتم تأجيج الوضع واختلاق معارك هنا وهناك، وبما أنّ الوكلاء قد فشلوا في فرض شروط واشنطن، جاء الدخول الأميركي المباشر، ولسان حال ترامب يقول:
"أريد حصتي من الغاز السوري".
إن مَن سيعرف السر الكامن في الغاز السوري سيعلم حجم الصراع على هذا المصدر لأن مَن سيملك سورية سيملك «الشرق الأوسط» وبوابة آسيا ومفتاح روسيا وأول طريق الحرير… وبتوقيع دمشق اتفاقاً لتمرير الغاز الإيراني عبر العراق إليها ومن ثم إلى البحر المتوسط يكون الفضاء الجيو سياسي قد انفتح على شريان العالم من البحر السوري، مختصراً الممرات البحرية من مضيق هرمز في مدخل الخليج العربي، كما اختصرت سابقاً قناة السويس رأس الرجاء الصالح عبر الأطلسي.