افتتحت مجموعة الاقتصاد والاعمال، قبل ظهر اليوم في "فندق فينيسيا"، الدورة الثالثة ل"ملتقى مكافحة الجريمة الالكترونية"، برعاية حاكم مصرف لبنان رياض سلامة ومشاركته والمدير العام لقوى الامن الداخلي اللواء عماد عثمان، الأمين العام ل"هيئة التحقيق الخاصة لدى مصرف لبنان" عبد الحفيظ منصور ونائب الرئيس التنفيذي للمجموعة فيصل أبو زكي، وحضور مسؤولين مصرفيين وأمنيين ومتخصصين في مكافحة الجريمة الالكترونية.
بعد النشيد الوطني، وكلمة تقديم لنائب الرئيس التنفيذي للمجموعة، أشارفيها الى "تزايد الخسائر الناتجة من الجريمة الالكترونية وفق احصاءات البنك الدولي وشركة لويدز للتأمين"، لافتا الى "تنوع اشكال الجريمة الالكترونية لتشمل الاختراق وطلب الفدية والاحتيال المالي على الشركات والافراد والتجسس الصناعي والاتجار واختراق قواعد البيانات وغيرها من الاشكال".
منصور
ثم تحدث عبد الحفيظ منصور، فرأى أن "الكثير من الدول أدرك خطورة الجرائم الإلكترونية، فأدخلتها ضمن استراتيجياتها الامنية، واستحدثت وحدات في مختلف أجهزتها الأمنية للعمل على المكافحة والوقاية منها، وتصدر هذا الموضوع أعمال منظمات دولية عدة، من بينها أعمال الجمعية العامة للانتربول في دورتها الـ 86 التي عقدت في ايلول 2017". واعتبر ان "خطورة الجرائم الالكترونية تكمن في طبيعتها العابرة للحدود والسرعة الفائقة والتعقيد المتعمد لاخفاء هوية الفاعل باستعمال اسماء مستعارة وروابط الكترونية متعددة".
وأوضح ان "حالات القرصنة بواسطة البريد الالكتروني تراجعت نسبتها من 525% عامي 2013/2014 الى 66% عامي 2014/2015 و51% عامي 2015/2016"، مؤكدا "العمل على وضع المزيد من الخطوات الحمائية السنة المقبلة".
عثمان
وتحدث اللواء عماد عثمان، فقال: "كلنا على يقين بأن الجريمة في أيامنا هذه لا تقف عند حدود دولة معينة، بل تجاوزت كل الحدود، لتدخل إلى أكثر الأماكن خصوصية، ألا وهي منزل كل واحد منا. فالجريمة السيبرانية باتت تقض مضاجعنا، لتستهدف الشباب والكبار والأطفال، وتجعلهم فريسة سهلة للشبكات الإجرامية الدولية التي لا توفر منفذا إلا وتلج عبره لزعزعة أمننا الاجتماعي الذي يشكل العمود الفقري للأمن القومي".
ورأى أن "مكافحة الجرائم الإلكترونية والمالية، تتطلب بذل جهود مشتركة ومنسقة من قبل أجهزة الدولة ومن قبل القطاع الخاص، لا سيما القطاع المالي والمصرفي. لذا فإن تبادل الخبرات والمعلومات، يعد عنصرا أساسيا في إنجاح التعاون لمكافحة هذه الجرائم".
سلامة
وتحدث حاكم مصرف لبنان، فاستهل كلمته بالقول: "أود أن أشكر أولا مجموعة الاقتصاد والأعمال التي واكبت طيلة هذه السنوات التطورات التي شهدها العالم المصرفي، وكانت داعمة ومؤيدة لنشر التوعية لدى المجتمع اللبناني والعربي".
اضاف: "تواجه المؤسسات المالية عامة والمؤسسات المصرفية خاصة، تحديات ناجمة عن إرادة دولية لإنقاذ العولمة المالية التي تعرضت إلى مخاطر كبرى بعد الأزمة العالمية المالية سنة 2008. فقد شهدنا حينها نوع من التوجه والاختلاف في طريقة التعاطي، أكان على صعيد المصارف المركزية العالمية بحيث اختلف التوجه في إدارة السياسات النقدية من حيث تحريك الفوائد، أو على صعيد القطاع المصرفي، إذ دخلنا في عصر حرب على العملات من أجل تفعيل الاقتصاد. العناوين الكبرى التي عالجتها المؤسسات الدولية المسؤولة عن النظام المالي العالمي، تتمحور حول عدة مواضيع، من أهمها مقررات بازل 3 التي وضعت أسسا جديدة للمعايير المتعلقة برسملة المصارف، إضافة إلى أنظمة محاسبية دولية صارمة، واهتمت بحماية المستهلك أو المتعامل مع القطاع المصرفي والمالي. وتقوم اليوم أميركا وأوروبا بإصدار قوانين وتعاميم كثيرة تهدف إلى حماية كل من يتعاطى مع المؤسسات المصرفية أو الشركات المالية. وقد فرضت الهيئات الرقابية الموجودة في العالم غرامات تخطت 140 مليار دولار على المؤسسات المصرفية لتصحيح مسارها".
وتابع: "أما التوجه الآخر المهم، فهو التعاطي مع العمليات أو الأموال المشبوهة. فقد تم وضع أسس ومعايير دولية تخول القطاع المصرفي والمالي عامة، مكافحة دخول الأموال غير الشرعية إلى المؤسسات المالية. قد تهدف هذه الأموال إلى تبييض الأموال، أو تمويل الإرهاب أو التهرب من دفع الضرائب. وكان للبنان موقفا متقدما في هذا المجال، بحيث أقر مجلس النواب والحكومة اللبنانية عدة قوانين سمحت للبنان الالتزام بالتوجهات الدولية. آخرها كان إقرار مسؤولية على المصارف لإبلاغ وزارة المالية بكل ما يتعلق بالتهرب الضريبي".
ولفت الى ان "مصرف لبنان أصدر عدة تعاميم تضمن التعاطي الشفاف في القطاع المصرفي والتعاطي الذي يحمي علاقتنا مع المراسلين في الخارج. هذا أمر أساسي، إذ يعجز أي قطاع مصرفي في لبنان أو في العالم عن الاستمرار، إن لم يكن ملتزما أو على تواصل مع المصارف المراسلة الدولية. إن هذا الموضوع بغاية الأهمية بالنسبة إلى لبنان لأن نسبة الدولرة فيه مرتفعة. فكلما ازداد انتشار التقنيات المتصلة بأنظمة الدفع، كلما كانت الحركة التجارية أفضل. غير أن هذا التطور سبب ظهور موضوع الجريمة الإلكترونية. اليوم، وبسبب هذا التطور التقني الحاصل والضروري والمحتم، يقوم مرتكبو الجرائم الإلكترونية بعدة طرق لإجراء نوع من القرصنة على القطاع المصرفي.
وأشار الى أن "هيئة التحقيق الخاصة تمكنت من حماية لبنان والسرية المصرفية في لبنان. العديد من الأشخاص يتساءلون عن النسبة المتبقية من السرية المصرفية في لبنان. نؤكد أن السرية المصرفية في لبنان لا تزال قائمة، ويتم رفعها بموجب آلية. ولهيئة التحقيق الخاصة دور كبير في هذه الآلية.
كما أكد "نحن نواجه اليوم الجرائم الإلكترونية، لكن على هذه المواجهة ألا تكون فردية فقط، ورأى انه "من الواضح أن هذه المهمة صعبة، إذ شهدنا عمليات قرصنة على حكومات ومصارف مركزية ومكاتب محاماة. هذه العمليات كافة طالت مؤسسات لديها الوقاية والحماية اللازمة. وهناك عمليات قرصنة أخرى نجهلها، سيما وأن المؤسسات لا تفصح عنها لتضمن حمايتها. ولم يشهد مصرف لبنان أي عمليات قرصنة، وذلك بفضل تدابير الحماية التي وضعها. وهو يتخذ الوقاية اللازمة عبر الطريقة التقليدية، بحيث نقوم بإقفال نظامه عند اللزوم".