"أزمة الاستقالة" أكّدت للمستثمرين حرص المجتمع الدوليّ على استقرار لبنان
خوري: نعمل على إعادة الثقة بالاقتصاد
تميّزت حكومة الرئيس سعد الحريري منذ انطلاقتها بعمل دؤوب ولا سيما على الصعيد الاقتصادي، إذ أولت هذا الشأن أهمية كبيرة، ولا سيما أن اللبنانيين علّقوا آمالاً كثيرة على عملها لإنقاذ الاقتصاد الذي كان قد وصل الى الحضيض بعد سنتين ونصف من الفراغ في سدة رئاسة الجمهورية ازداد خلالها منسوب الفساد، وارتفعت نسبة الشواغر في مختلف مرافق الدولة.
نعم، لقد كان أداء الحكومة ممتازاً إذ إنه وفقاً للكثير من المراقبين وضع الأطر الصحيحة لانطلاقة ستنتشل الاقتصاد من كبوته، وتبشّر بوقوف لبنان أمام مرحلة اقتصادية جديدة تقوم على مفهوم جديد أرساه رئيس الجمهورية ميشال عون عبر تمسكة بتحويل اقتصاد لبنان إلى اقتصاد إنتاج.
وعلى الرغم من ارتباط عمر الحكومة بإجراء الانتخابات النيابية في أيار 2018، لا يزال إيمان وزرائها بضرورة إحداث تغييرات اقتصادية راسخاً، إذ يؤكد وزير الاقتصاد والتجارة رائد خوري أن الوقت الذي سيأخذة التحضير للانتخابات وإجراؤها يجب ألا يؤثر في سير عملها عبر الشق الاقتصادي. وعلى ما يبدو، لا تزال الحكومة تسير على خط وضع خطة اقتصادية لإعادة اقتصاد لبنان إلى النهوض، حيث ربط خوري في حديث مع "الصناعة والإقتصاد" قدرة الحكومة على تحقيق إنجازات اقتصادية وإتمام عدد من المشاريع قبل الانتخابات النيابية بالخطّة الاقتصاديّة التي تقوم بإنجازها خلال 6 أشهر على أن تعمل بعدها على التنفيذ الذي بدوره يتوقّف على تعاون الوزارات وتجاوبها وتفاعلها مع هذه الخطّة.
ويسجّل للحكومة اندفاعها المستمر هذا لإحداث فارقٍ على كلا الصعيدين السياسي والاقتصادي على الرغم من الصدمة التي أحدثتها استقالة رئيسها سعد الدين الحريري على المستويات كافة. وأشار في هذا الإطار، الوزير رائد خوري إلى "أن أزمة استقالة الرئيس الحريري لم تحمل أي تداعيات على الاقتصادين الحقيقي والنقدي على الرغم من أجواء الخوف وعدم الثقة بالمستقبل التي رافقتها، إذ ولحسن الحظّ أن الأزمة كانت قصيرة المدى ولم تتعدّ الأسابيع الثلاثة".
ورفض الحديث عن أي سلبيات قد تحملها أزمة الاستقالة على الاستثمار مستقبلاً بإيحائها أن لا استقرار سياسياً في لبنان، واعتبر أنه "على العكس تماماً أثبتت هذه الأزمة أنّ هناك استقرارا سياسيّا قويّا في لبنان ولا سيما أنه برهن عن قدرته على معالجة الأزمات التي تطرأ عليه، وأثبت مرّة جديدة أنّ لديه مناعة وأنّ لديه قدرة على امتصاص الأزمات وذلك بفضل وعي اللّبنانييّن والقادة السياسييّن الذين توحّدوا سويّا خلال هذه الأزمة". ورأى أن "هذه فرصة لنعود ونؤكّد للمستثمرين أنّ المجتمع الدوليّ حريص على استقرار لبنان".
إعادة اقتصاد لبنان إلى طريق النهوض
وفي رد على سؤال حول الإجراءات المطلوبة لإعادة اقتصاد لبنان إلى طريق النهوض في المرحلة المقبلة، لفت خوري إلى "وجوب وضع خطّة اقتصاديّة للبنان تحدّد الهويّة الاقتصاديّة الشاملة للبنان وتهدف إلى التفكير على المدى المتوسّط والطويل من أجل وضع أسس اقتصاديّة ثابتة عابرة للحكومات والوزراء، فضلا عن إقرار الأطر التنفيذيّة لتنفيذ هذه الخطّة".
وقال: "لقد اتّفقنا مع شركة عالميّة هي شركة ماكنزي لمساعدتنا في وضع هذه الخطّة التي تبصر النور بعد نحو ستّة أشهر. وستساعد شركة ماكنزي الحكومة مجتمعة والوزارات المعنيّة، بمشاركة غرف التجارة والصناعة والزراعة في وضع خطّة للبنان متوسّطة وطويلة الأمد. وستحدّد هذه الخطّة القطاعات المنتجة في لبنان من أجل تفعيلها وزيادة الإنتاجيّة وبالتالي زيادة حجم الاقتصاد".
وأضاف: "ترتكز هذه الخطّة على المحاور التالية: التركيز على ضرورة تنويع الاقتصاد، العمل على جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة الجديدة، تعزيز مناخ الأعمال، تحسين الميزان التجاريّ من خلال تحفيز الصادرات اللّبنانيّة، إضافة إلى تعزيز أنشطة حماية المستهلك".
وكشف أن " الخطّة الاقتصاديّة تندرج من ضمن توجّهات رئيس الجمهوريّة العماد ميشال عون لتحويل الاقتصاد اللّبنانيّ من اقتصاد ريعيّ إلى اقتصاد منتج.
إرساء استقرار سياسي واقتصادي
وأبدى خوري رضاه عن العمل الحكومي، إذ أشار إلى أن " الحكومة أرست استقرارا سياسيّا وأمنيّا في البلد وهذا أمر أساسيّ لجذب الاستثمارات ولكنّ ذلك وحده لا يكفي". وأعلن أن "الحكومة تعمل على إعادة الثقة في اقتصاد لبنان عبر إنهاء خطة الكهرباء وبالتالي تأمين الكهرباء 24/24 للّبنانييّن وللمستثمرين، وعبر محاربة الفساد وملء الشغور في الإدارات ووضع الشخص المناسب في المكان المناسب وهذا ما تقوم به الحكومة تباعا، كما تعمل على خصخصة بعض القطاعات التي تعاني من بعض الفساد".
تشجيع العلاقات اللبنانية - الخليجية
- واعتبر خوري أن "العلاقات اللّبنانيّة الخليجيّة هي علاقة قديمة تربط لبنان بدول الخليج وتربط الشعب اللّبنانيّ والمستثمرين اللّبنانييّن بشكل وطيد مع الشعوب العربيّة، إن كان من خلال وجود اللّبنانييّن وعملهم في الدول الخليجيّة أو من خلال الخليجييّن الذين يزورون لبنان للسياحة وللاستثمار". وإذ لفت إلى أن " هذه العلاقات تتغيّر قليلا وفق بعض الظروف"، شدّد على "حرص الدولة على هذه العلاقات وتشجيعها ولا سيما أن المستثمرين الخليجيين يعرفون أنّ استثماراتهم التي قاموا بها في لبنان سابقاً هي بمعظمها استثمارات ناجحة، إن كان في القطاع العقاريّ أو القطاع المصرفيّ كما يعلمون أيضا أنّ حقوقهم لطالما كانت محفوظة وهي ستبقى كذلك".
- وفي إطار حديثه عن مناخ العلاقات اللبنانية –السورية وإن كان سيفسح في المجال أمام لبنان ليكون منصة أساسية لإعادة إعمار سورية، قال: "تضعنا طبيعة لبنان الجغرافيّة وطبيعتنا كلبنانييّن في موقع متقدّم في مشروع إعادة إعمار سورية. حيث يحتّم موقع لبنان الجغرافيّ وحدوده مع سورية هذا الدور كما أنّ العلاقات اللّبنانيّة السوريّة العائليّة والاقتصاديّة التاريخيّة هي أيضا كفيلة بأن يؤدي لبنان دورا في إعادة إعمار سورية بغضّ النظر عن الأمور السياسيّة بين البلدين".
- وتناول في حديثه الانفتاح اللبناني في عام 2017 على روسيا، وكشف عن وجود لجنة مشتركة روسيّة لبنانيّة تعمل على موضوع تسهيل التبادل التجاري والاستثماريّ بين البلدين". وأكد أن ه وعلى الرغم من أن الأمور تسير بقليل من البطء بسبب البيروقراطيّة خصوصا عند الطرف الروسيّ ولكنّها تسير في الاتّجاه الصحيح".
- وأعلن أنه يتم العمل حالياً على تأمين انفتاح لبنان على المزيد من الأسواق الخارجية عبر دراسة اتفاقيّات عدّة كالماركسور وال WTO.
النمو يتراوح بين 2 و2.5%
وإذ رأى خوري أنه من المبكر التحدث عن نسب محدّدة للنمو الاقتصادي في عام 2018 منذ الآن، أعلن أن نسب النموّ المتوقّعة للعام 2017 تتراوح بين 2% و 2،5 %.
وتوقّع أن يحمل باريس 4 التزامات ماديّة من الدول الأجنبيّة ومن الصناديق الدوليّة إلى اقتصاد لبنان قروضاً مدعومة لمشاريع محدّدة في لبنان من بنى تحتيّة وغيرها.
وفي إطار حديثه عن إقرار الشراكة بين القطاعين العام والخاص، أكد خوري أن "لبنان سيشهد تنفيذا لمشاريع مشتركة لأنّ الاستثمارات التي ستحصل في لبنان ستكون عبر قروض مدعومة أو عبر القطاع الخاصّ". ورأى أنه "لكي يستثمر القطاع الخاصّ في لبنان يجب أن توضع الأطر التطبيقيّة لمشروع الشراكة بين القطاعين العامّ والخاصّ وهي الأطر التي تضع أسس للعلاقة التعاقديّة بين الدولة والقطاع الخاصّ والتي تحفظ حقوق الطرفين".