بحث
المزيد المركز الاخباري اليومي
» لقاء لاتحاد بلديات صيدا لشرح أهداف برنامج صندوق التنمية الإقتصادية والإجتماعية
» جمعية المستهلك: أين قانوني سلامة الغذاء والحد من الاحتكار؟
» وزني بحث أزمة الديون المتوجبة على الدولة
» استثمارات «البنك الأوروبي لإعادة الإعمار» تقفز لـ5.9 مليار دولار في النصف الأول
» {مجموعة العشرين}: الرقمنة شريان الاقتصاد العالمي بعد زوال الجائحة
» لجنة الإقتصاد في السراي: صندوق النقد أساسي للنهوض من الوضع الراهن
» منتدى حوكمة الإنترنت العالمي في زمن الأزمات
» تركة الـ 27 والحصار
» صور: دفع فاتورة الكهرباء بعد التسعيرة
» جولة للملحقين الاقتصاديين في "البحوث الصناعية"
» هذه هي طريقة احتساب تعرفة العدادات
» ارتفاع اسعار المحروقات
» أوجيرو تبدأ العمل بنظام الفوترة T.One
» ابو فاعور شكل لجنة الالتزام البيئي للمصانع
» افرام يقدم حلاً لمحطة كهرباء الزوق
» لبنان يتبنى ترشيح حايك لرئاسة البنك الدولي
» ازدحام امام وداخل كهرباء حلبا
» المشاريع الانمائية في طرابلس وزغرتا
» "العمالي" يتمسّك بشقير رئيساً "للهيئات"
» اللقيس: لإعادة الإنتاج الزراعي الى الخليج
» فنيانوس: طريق شكا سالكة بجزء كبير
» زياد حايك يترشّح لرئاسة البنك الدولي
» توقيع مذكرة بين الدولة واتحاد المهندسين
» تباطؤ متواصل في حركة مرفأ بيروت في ك2
» الحسن عالجت ازمة الشاحنات العمومية
» سوريا: 100 ألف شقة في السكن «الشعبي» هذا العام
» مسعد: لارقام واقعية تخفض العجز فعليا
» زمكحل: الثقة الحقيقية من الشعب
» عون يؤكد دعم الصناعة والقطاعات الانتاجية
» رفع انتاج الكهرباء ابتداء من مساء اليوم
» الحريري يبحث في الخطوات المستقبلية لسيدر
» بحث بكيفية إدارة سوق للخضار في طرابلس
» المركزي السوري بصدد إصدار شهادات إيداع إسلامية
» السياح الاكثر انفاقا في لبنان
» التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية
» 150 شخصية إماراتيّة في بيروت منتصف اذار
» توقيع مرسوم بفتح سلفة خزينة للكهرباء
» لماذا تتباطأ القروض السكنية؟
» اعتراض طرابلسي على قرار جمركي
» الحكومة السورية تدعم المستثمرين بإجراء جديد
» تعميم لـ"المال" على الوزارات والإدارات
» بنك بيروت يوقّع إعلان الإدارة الحكيمة والنزاهة
» الاجراءات بحق مرفأ طرابلس خاطئة
» أبو فاعور: لجنة للكشف على مصانع البقاع
» العلاقات التجارية بين لبنان وبريطانيا
» ارتفاع اسعار المحروقات
» "الكهرباء: "هل يصلح العطار ما افسده الدهر؟
» إقفال محال تجارية يشغلها سوريون
» الإمارات توقع اتفاقية تحرير التجارة في الخدمات بين الدول العربية
» لبنان يستضيف المؤتمر الدولي لوسطاء النقل
» ورشة عمل للفرانشايز مع الملحقين الاقتصاديين
» كركي: فسخ التعاقد مع مستشفى الأميركية
» "النقد الدولي": لبنان لم يطلب تمويلا
» الرئيس عون: مكافحة الفساد بدأت
» ثلثا اللبنانيين يشعرون بالإيجابية تجاه 2019
» أبو فاعور لوفد الصناعيين: منا الدعم ومنكم الضمانات
» عربيد: لضرورة أنسنة الاقتصاد والسياسات العامة
» انتخابات تجمع صناعيي وتجار المنية
» إفتتاح مركز أكاديمية Cisco للتدريب والتطوير
» مطالب مربي النحل في المتن الأعلى
محتويات العدد
175 : تصفح العدد
الأكثر قراءة
ماذا يحدث لو انهار الدولار حول العالم مرة واحدة؟
Monday, December 29, 2014

ماذا يحدث لو انهار الدولار حول العالم مرة واحدة؟
حرب العملات.... اليوان والروبل يعيدان رسم ملامح النظام العالمي

إن تغيير توازنات القوى داخل النظام الدولي الحالي، وتكريس التعددية والقضم من هيمنة الولايات المتحدة، بالتوازي مع تنمية مشاريع تكامل إقليمي، ونسج شراكات عميقة بين الدول المتضررة من دور الولايات المتحدة الحالي، تبدو جميعها أهدافاً واقعية وضرورية وقابلة للتحقق ضمن المدى المنظور. من ناحية أميركا، فهي بحاجة إلى إشغال القوى الدولية المنافسة بالصراعات، وإنهاكها بلعبة التوازنات من خلال حلفائها، الى حين اكتمال عملية الترميم الداخلي لتصبح قادرة على إعادة تجديد هيمنتها على النظام الدولي. غير أن الصعود الروسي ـ الصيني ـ الإيراني، ودول البريكس، كسر طرح وزير الخارجية الاميركية الأسبق هنري كيسنجر، الذي كان قد رأى أن أعظم إشكالية يعانيها خصوم الولايات المتحدة بشكل عام هي في مقولة: الأمم لا تتعلم إلا بالتجارب... وعندما «تتعلم» أخيراً يكون الزمن قد فات على العمل، غير أن الزمن هنا يسير برفقة هذه القوى الصاعدة، وقد بدأت طلائعها في حرب العملات التي تتجه نحو إسقاط هيمنة الدولار.
كما انتهت إمبراطورية بريطانيا بنهاية الاسترليني ستنتهي إمبراطورية أميركا - التي أصبحت تتطفل بعملتها على فائض الاقتصاد العالمي - بنهاية الدولار، الذي لم تعد تدعمه قوة اقتصادية موازية بقدر ما تدعمه القوة العسكرية والأنظمة الحليفة.
فخلف الأزمة المالية والاقتصادية العالمية الراهنة، تدور حرب خفية بين الدول والبنوك المركزية العالمية الكبرى، على الاحتفاظ بأكبر قدر من السيولة المالية، في الوقت الذي تدور فيه رحى حرب ثانية بين العملات العالمية الرئيسية الدولار واليورو والجنيه الإسترليني والين الياباني واليوان الصيني والروبل الروسي على القيمة وأيضا على السيادة.
ولكن ما هي عناوين المواجهة المقبلة في حرب العملات، وهل شكلت العقوبات الغربية على روسيا عنصر إسقاط هيمنة الدولار على العالم؟
خطوط المعركة
ذات مرة كتب الخبير الروسي ييغور تومبيرغ من معهد الاقتصاد العالمي، أن من أسباب تعجيل الحرب الأميركية على العراق، قرار الرئيس العراقي السابق صدام حسين، باتخاذ اليورو عملة للحسابات المالية في إطار برنامج «النفط مقابل الغذاء» بدلا من الدولار الأميركي.
وكان صدام قد أمر بتحويل مبلغ 10 مليارات دولار أميركي تراكمت لحساب العراق في الأمم المتحدة إلى اليورو. واستشهد تومبيرغ بما ذكره ويليام كلارك، الخبير في شؤون الأمن واقتصاد سوق النفط بان هذا الخيار هو الذي حدد مصير العراق.
ويرى تومبيرغ وكلارك أن جزءاً كبيراً من خطوط المعركة الراهنة في أسواق العملات والسيولة والاقتصاد قد رسم بفعل تغيير ميزان القوى الاقتصادية العالمية خلال السنوات العشر الأخيرة، وبخاصة العجز في ميزانية وميزان التبادل التجاري للولايات المتحدة، وارتفاع قيمة العملة الأوروبية اليورو، وأيضا الين الياباني واليوان الصيني أمام الدولار.
ويستبعد الخبير الروسي أن تكون الحرب على العراق، هي بالفعل آخر حرب تخوضها الولايات المتحدة من أجل استقرار عملتها، ولاسيما أن إيران قد أعلنت هي الأخرى منذ عام 2006 عن خططها الخاصة بافتتاح بورصة للنفط يجري التداول فيها باليورو بدلا من الدولار ولاسيما أن بورصة النفط الإيرانية تتمتع في الوقت الحاضر، بالأسس التي تتيح لها أن تصبح منافسا حقيقيا لبورصتي لندن ونيويورك، ولاسيما أن أكثر من ثلث صادرات النفط الإيراني تذهب إلى أوروبا بالذات، الأمر الذي يجعل الإدارة الأميركية تخطط جديا لردع طهران.
لكن الخبير الروسي قلل من حجم تأثير تحول إيران إلى اليورو في تسوية حسابات بيع وشراء النفط على سعر صرف الدولار فقال: "لا يبدو في الوقت الحاضر أن هناك أي تهديد للدولار كعملة وحيدة في عقود النفط، كما أن 60 - 70 في المئة من عمليات الاستيراد والتصدير في العالم تتم بالدولار، ويشكل الدولار نحو 60 في المئة من احتياطيات بلدان العالم من العملات الصعبة إضافة إلى أن العملة الأميركية تعتبر أداة التعامل في نحو 80 في المئة من عمليات السوق المالية العالمية و70 في المئة من القروض التي تقدمها البنوك في مختلف أنحاء العالم".
فى رصدها لتداعيات الأزمة الروسية على الاقتصاد العالمى أشارت مجلة بيزنس ويك فى تقرير لها الى تأثير العقوبات الغربية ضد روسيا من زعزعة هيمنة الدولار، وهو الهاجس الذى يلوح فى الافق منذ الازمة المالية العالمية.
واعتبر التقرير أزمة هونغ كونغ السابقة، شاهد عيان على ذلك، حيث دفعت موجة بيع الدولار، البنك المركزى الى شراء أكثر من 9.5 مليارات خلال شهر تموز، وذلك من أجل حماية عملتها من مواصلة الصعود، بعدما عززت العقوبات الغربية ضد روسيا التوقعات بتدفق النقدية بالعملة الروسية كما ارتفعت تداولات اليوان الصينى مقابل الروبل الروسى فى 31 تموز الى أعلى مستوى منذ عام 2010 بحسب بورصة موسكو.
وأضاف انه فى حين لم يذكر أحد فقدان الدولار لمكانته كعملة رئيسية للأعمال التجارية فى أى وقت قريب، وانحسار هيمنته، فإن حصة الدولار فى الاحتياطيات العالمية قد تقلصت بالفعل الى أقل من 61 % مقارنة بأكثر من 71 % فى عام 2001. والاحتمالات زادت فقط منذ الازمة المالية العالمية فى عام 2008، وهو الحدث الذى انطلقت شرارته فى الولايات المتحدة، وتعهدت أكبر الدول الناشئة، بما فيها روسيا، بزيادة المعاملات التجارية بعملاتها.
كيف ستحمي روسيا اقتصادها؟
يرى خبراء أنه من الضروري على روسيا اتخاذ إجراءات تجنب الاقتصاد الروسي الأضرار الناتجة من عقوبات غربية محتملة وخاصة على المدى الطويل، تم حصرها في ثماني خطوات.
وتتمحور هذه الإجراءات بما يلي وفقا لخبراء الاقتصاد الروسي:
أولا- الانتقال التدريجي والسلس إلى عمليات التعامل التجاري بالعملات الوطنية مع الشركاء التجاريين الرئيسيين، وقد بدأت روسيا بالفعل تحرير عملتها من خلال بيع النفط الروسي بالعملة الوطنية الروبل الى شركة بيلا روسيا، وذلك للمرة الأولى في تاريخها، لما كشفته شركة النفط الروسية "زاروابيج نفط".
ثانيا- تسريع عمليات تنمية العلاقات التجارية مع دول الجنوب الشرقي.
ثالثا- العمل على إدارة أكثر مرونة لاحتياطيات روسيا الدولية وموارد صندوق الرفاه الوطني
رابعا- العمل على تطوير الاستثمارات المباشرة
خامسا- خلق تحالفات أكثر استراتيجية بين الشركات الروسية والأجنبية
سادسا- توسيع مجال وصول الشركات الأجنبية إلى مشاريع البنية التحتية الاستراتيجية
سابعا- العمل على تحسين صورة وسمعة الاستثمار في الاقتصاد الروسي
ثامنا- تطوير العلاقات مع البلدان المحتاجة الى الطاقة النووية .
التحدى الصيني:
من جانبها تسعى الصين الى الدفع بزيادة استخدام عملتها فى التجارة الدولية. ومؤخراً وافق بنك الشعب الصيني (البنك المركزي) على تمديد السماح لسويسرا بمبادلة اليوان بعد اتفاقه مع البنك المركزى الاوروبى العام الماضى. وقد وافقت الصين ايضا على السماح للشركات بتسوية معاملاتها في لندن وفرانكفورت باليوان لأول مرة. يذكر ان هيئة النقد في هونغ كونغ قد اشترت منذ فترة دولارات أميركية من أجل الحد من مكاسب عملتها المربوطة بالدولار، وذلك بعد قيامها بشراء 8.4 مليارات دولار فى شهر يوليو، وهو أعلى مستوى منذ أكتوبر 2012.
وفى حين رأى خبراء ان العقوبات تكشف عن احتمالية استخدام اجراءات اقتصادية - مثل تقييد استخدام العملة - بديلا من العمل العسكرى وهذا يمثل خطوة كبيرة فى تطور السياسة الخارجية تجاه روسيا والتحدى الحقيقى هو تحويل تلك القوة المالية إلى نفوذ سياسى.
إن الحديث عن الدولار في السنوات العشر الأخيرة لا يخلو من تلميح واضح الى فكرة المؤامرة الاقتصادية التى تتحكم في العالم وتضرب شرقاً وغرباً، فهل كانت الانهيارات الأخيرة للدولار شأنا مقصوداً من أجل خدمة الاقتصاد الأميركي على نحو خاص في مواجهة اقتصاديات العالم المتقدم والصاعد، ولاسيما الصين؟
الثابت أن العملة الأميركية انهارت في نهاية عام 2007 ومع بداية عام 2008، ووصلت إلى أدني مستوياتها في التاريخ وذلك بسبب الأزمة المالية، وأزمة الرهن العقاري، حيث سجل اليورو مستوي قياسيا أمام الدولار في شهر آذار إذ وصل إلى 1.6 وسجل الجنيه الإسترليني أكثر من 2 دولار وهبوط الدولار دون الفرنك السويسري لأول مرة في التاريخ ووصل الدولار إلى أدنى مستوياته في 13 عاما أمام الين الياباني دون 97 ين، وهبط أيضا أمام غالبية العملات العالمية... هل كان هذا الانهيار مقصودا من أساطين المال الخفيين الذين يعملون في الظلام وخلف الكواليس؟
يذهب الباحث الأميركي الصيني الأصل "سنوغ هونغبينغ" في كتابه المثير "حرب العملات" إلي أن ما جري ليس إلا مؤامرة تعد لتقويض ما يسميه "المعجزة الصينية" الاقتصادية"
ويرى "هونغبينغ" أن تراجع سعر الدولار، وارتفاع أسعار النفط والذهب، ستكون من العوامل التى ستستخدمها عائلة روتشيلد لتوجيه الضربة المنتظرة الى الاقتصاد الصيني. في هذا الكتاب يتهم "هونغبينغ عائلة "روتشيلد" وحلفاءها من العائلات الكبري، بأنها تتحين الفرصة للنزول بسعر الدولار الأميركي إلى أدني مستوي له، حتى تفقد الصين في ثوان معدودة كل ما تملكه من احتياطي من الدولار (نحو 3 تريليونات دولار) محذرا من أن الأزمة التى يتم التخطيط لها، ستكون أشد قسوة من الضربة التى تعرض لها الاقتصاد الآسيوي في تسعينيات القرن الماضي.

الصين تدعم عملتها في مقابل الدولار
في العام 2009 صرخ "لوه بينغ كيف" وهو مسؤول رفيع المستوي في اللجنة التنظيمية المصرفية الصينية بأعلى صوته "نحن نكرهكم يا رجال" كان يقصد ولاشك الأميركيين، وصرخته جاءت تنفيسا عن استيائه من الولايات المتحدة، فقد كان يعتقد هو وآخرون في الصين أنه في الوقت الذي طبع فيه البنك الفيدرالي الأميركي المال لإنعاش الطلب الأميركي، فإن قيمة المقتنيات الضخمة من سندات الخزانة الأميركية الموجودة في الصين من شأنها أن تغرق جنبا إلي جنب مع الدولار... هل أكتفت الصين والصينيون بالبكاء والعويل؟
الوقائع تقول لا.
فقد قررت بكين التعجيل في تعزيز "الرنمينبي" (عملة الشعب) كعملة عالمية، وبهذه الطريقة يمكن أن تكسب شركات التصدير الصينية عملة حمراء بدلا من العملة الخضراء، وهو ما يسمح باستثمار إيراداتها في الداخل بدلا من إعادة تدويرها في سندات الخزانة الأميركية ـ التجمع الوحيد من السيولة الدولارية الكبيرة والآمنة بما فيه الكفاية لاستيعاب استثمارات كبيرة من احتياطيات الصين ـ التى ارتفعت إلي 3.95 تريليونات دولار في نهاية آذار الماضي.
والمؤكد أن بدء تدويل "الرنمينبي" لا ينفصل عن طموح الصين إلي شق طريقها، بدلا من الاندماج في الاقتصاد الأميركي، الذي لم يكن لها يد في إيجاده.
من جانب آخر يعد استخدام الدولار في المعاملات التجارية في سوق الطاقة آخر حصون الدولار، وبالرغم من أنه عملة الاحتياطي العالمي، فإن الصين تشتري الدولار بشراهة وفق لعبة تجيدها بكين تماما في خطتها المطولة لقلب الطاولة في الوقت المناسب بكل اختصار. وهذا الفكرهو بالتحديد وراء نشاط الصين في مقايضات العملة مع أكثر من 20 من كبار شركائها التجاريين، فالصين ببطء، ولكن بثبات تسحب البساط من الدولار الأميركي لأزاحته عن عرش منظومة الهيمنة والغزو بالعملة، وحتمية عولمة عملة أهمية تروق للقوة الاقتصادية الأولي في العالم.
وباقترابها من أوروبا، تقطع الصين شوطا جديداً على طريق تحرير اقتصادها والنظام المالي العالمي من الاعتماد على الولايات المتحدة والدولار الأميركي.
والواقع هو أن الصين لم تخف قط رغبتها في أن تحل عملتها، اليوان، محل الدولار الأميركي، كعملة للتجارة العالمية، وفي هذا الصدد كثفت الصين جهودها لجعل اليوان عملة دولية.
وبالفعل أبرمت الصين على مدي العامين الماضيين مع البرازيل اتفاقيات مقايضة عملة بين بنوكها المركزية، لتسيير التجارة بين البلدين من دون الدولار الأميركي، وأبرمت الصين صفقات مماثلة مع الهند والأرجنتين وروسيا وجنوب إفريقيا ومجموعة من الدول الأخرى.
والنتيجة هي أن الصين قد أنجزت في الربع الأول من هذا العام وحده، حوالى 7% من تجارتها الخارجية بعملتها الوطنية، أي بزيادة قدرها 20 ضعفا بالمقارنة مع العام الماضي.
كما أن بكين أبرمت عدة اتفاقيات مع البرازيل والهند لتجاوز الدولار، وأقامت روسيا والصين أيضا مبادلات بالروبل واليوان من أجل إنهاء دور الدولار وإخراجه من الصورة، ولكن إذا تخلت الصين، وهي أكبر مستورد للطاقة في العالم وروسيا التى تعتبر أكبر دولة منتجة للطاقة في العالم، عن تسعير الطاقة بالدولار فإن وضع احتياطي العملة في الولايات المتحدة قد ينحل، ويمكن أن يفضي ذلك إلي تقويض سوق سندات الخزينة الأمريكية، وأن يعقد بصورة خطيرة قدرة واشنطن على تمويل ديونها الضخمة البالغة 17.5 تريليون دولار.
بنك تنمية البريكس
شكل الهدف المعلن لإنشاء بنك التنمية لدول البريكس (برأسمال 100 مليار دولار، وبناء احتياطيات مالية تبلغ قيمتها أكثر من 100 مليار دولار أخرى)، استكمالاً للجهود الدولية المتعددة الأطراف والمؤسسات المالية الإقليمية، الرامية إلى دعم النمو والتنمية على المستوى العالمي، غير أن الهدف الخفي في رأي الكثرة من المراقبين، هو إنشاء مؤسسة دولية رديفة للمؤسسات الاقتصادية الدولية الحالية (مثل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي) لتكون وسيلة تنافس هذه المؤسسات وتعمل على تحرير العالم من تأثيراتها وقيودها. فهذه المؤسسات تسيطر عليها الولايات المتحدة بشكل أساسي، سواء في ما يتعلق بتحديد إداراتها أو سياساتها، أو بتوجيه عملية اتخاذ قراراتها، أو حتى منع توجيه مواردها في الاتجاهات التي لا تخدم السياسة الأميركية، على الرغم من أنها من حيث المسمى والطبيعة مؤسسات دولية، وهذا ما أدى في رأي كثير من المراقبين، إلى ضياع عقود من النمو على العالم الثالث.
وتشكل دول البريكس نحو 30% من مساحة اليابسة في العالم، وتضم 40% من مجموع سكانه. وكانت دول البريكس قد حققت انجازات بارزة حيث شكل ناتجها المحلي نسبة 21% من الناتج المحلي الإجمالي لجميع دول العالم.
كما يصل حجم الناتج الاقتصادي لها، ما يقرب من 18% من الناتج الاقتصادي في العالم، إضافة إلى 15% من حجم التجارة الخارجية، كما تجذب نصف الاستثمارات الأجنبية في العالم.
وقد ذهب "جيم أونيل" في نبوءته إلى أن عصر القيادة الاقتصادية الأميركية للعالم قد ولى، وأن دول البريكس تمتلك في الوقت الحاضر نسبة 8% من الموارد الاقتصادية العالمية، وتوجد فيها نسبة 45 في المئة من الأيدي العاملة في المعمورة، وبلغت نسبة تشغيل السكان القادرين على العمل في هذه الدول نحو 70 في المئة، أما الناتج الإجمالي فيها، فيبلغ 15 تريليون دولار أميركي ما يعادل 25 في المئة من الناتج الإجمالي العالمي.
هل يجيئ بنك التنمية الدولي الذي أعلنت دول البريكس عن إنشائه كأداة مواجهة للقوى المالية العالمية المسيطر عليها تقليدياً من قبل الغرب مثل صندوق النقد والبنك الدوليين؟ وما الذي سيقدمه هذا البنك؟
الثابت أن روسيا تحديداً هي المحرك الرئيسي لقيام هذا البنك الذي قال بوتين عنه: "إنه سيكون واحداً من المؤسسات المالية المتعددة الأطراف الرئيسية للتنمية في هذا العالم وسيكون المقر الرئيسي له في شنغهاي".
ويعلق الدكتور فيل هيل أستاذ الاقتصاد الدولي في مدرسة لندن للاقتصاد على بنك البريكس الجديد بالقول: "لا شك أن المهمة الرئيسية المنوطة بالبنك الدولي هي تنمية اقتصاديات دول العالم النامي، إذاً المنافسة بين الطرفين واقعة حتماً". ويضيف هيل "إن دخول بنك بالحجم العملاق لبنك مجموعة البريكس على خط إقراض البلدان النامية، سيضمن توفير موارد مالية ضخمة للاقتصاديات الناشئة بعيداً من الهيمنة التقليدية للمؤسسات المالية الغربية".
وفي الوقت الذي يعاني فيه القادة الأوروبيون من موجة غضب شعبي على سياساتهم، تشير الأرقام إلى أن دول البريكس وشركاتها باتت تمثل بالفعل ثورة في عالم التبادلات التجارية، فمنذ تأسيس المجموعة عام 2002، شهدت الدول الأعضاء تزايداً مستمراً في التبادلات الاقتصادية والتجارية. ونما حجم التجارة بين الدول الأعضاء من 12 مليار دولار أميركي في عام 2002 إلى 282 مليار دولار في عام 2012، بزيادة قدرها 20 ضعفاً، وهذه الأرقام في تزايد باستمرار.
وتصر شعوب "بريكس" على الولاء لنهج قادتها الذين تمكنوا من إعادة دولهم إلى موقعٍ مؤثر في المستوى الدولي، وتشكل تجربة فلاديمير بوتين في روسيا خير مثال على ذلك، حين أصر الشعب الروسي على تثبيت نهجه في الحكم، منذ اعتمد نهج "استعادة الهيبة المفقودة" إلى الرئاسة الأولى.
ولهذه الوقائع دلالات تشير بوضوح إلى نجاح السياسات التي اعتمدها الرجل خاصة في الميدان الإقتصادي. فقد إستطاع بوتين رسم سياسة إقتصادية فعالة في بلاده، تحاول الحفاظ على معدلات النمو وتسعى إلى التقليص التدريجي للإعتماد المفرط على صادرات قطاع الغاز من جهة، واستخدام العملة الوطنية في التداولات خصوصاً مع دول البريكس وأميركا اللاتينية.
انتفاضة أوروبية... وخليجية
في منتصف شهر تموز الماضي ارتفعت الأصوات الأوربية والفرنسية تحديداً مطالبة بوضع حد لهيمنة العملة الأميركية "الدولار" على المعاملات المالية الدولية، وذلك بعد أن فرضت واشنطن مؤخرا غرامة قدرها 9 مليارات دولار على بنك "بي أن بي باريبا" الفرنسي بتهمة مخالفة القوانين الأميركية ومساعدة دول على تفادي العقوبات الاقتصادية.
وكما أفاد تقرير لصحيفة الفاينشيال تايمز البريطانية، فقد دعت فرنسا إلي التفكير في بدائل جدية لوضع حد لهيمنة الدولار الأميركي، وتشجيع حجم وحضور العملات الدولية الأخرى في المبادلات التجارية العالمية.
هل بدأ الأوربيون كما الصينيون والروس من قبلهم المطالبة بإيجاد بدائل للورقة الخضراء التى تتحكم في اقتصاديات العالم اليوم؟
الثابت هو أن وزير المالية الفرنسي "ميشال سابان" أشار إلى أنه قد طرح بالفعل المشروع الفرنسي في بروكسل لمناسبة اجتماع وزراء مالية الاتحاد الأوروبي، ما يعني أن الأمر قد تجاوز عتبة التنظير الفكري، ودخل في عمق النقاشات الجدية.. هل هي حقا نهاية لهيمنة الدولار؟ وما البديل؟ ثم وهذا هو الأهم ماذا يحدث لو أنهار الدولار حول العالم مرة واحدة؟ وما هي الآثار المترتبة على ذلك؟
ولكن هل تتوقف الدعوات الدولية لإنهاء هيمنة الدولار عند حدود فرنسا فقط أم تمتد إلي غيرها من دول العالم وبخاصة الشرق الآسيوي؟ تذهب صحيفة الفاينشيال تايمز المشار إليها سلفا، إلي أن قضية تغريم البنك الفرنسي "بي أن بي باريبا" 9 مليارات دولار، على خلفية استعمال الدولار في صفقات مع دول تخضع لحظر أميركي تقف إلي حد كبير وراء الدعوة الفرنسية ويقول وزير المالية الفرنسي "سابان" أن هذه القضية تدفعنا الى التفكير في بدائل مناسبة والاعتماد على عدة عملات دولية، ويضيف الوزير "أن صناعة الطيران في أوروبا مثلاً يمكنها التخلي عن استعمال الدولار لمصلحة اليورو، وهو الأمر نفسه الذي ينطبق على الدول الناشئة التى تضررت كثيرا في الفترة الماضية بسبب المضاربة على عملتها.
والثابت أن فرنسا ليست الدولة الأوروبية الوحيدة المتحمسة لهذا المشروع، أي إنهاء هيمنة الدولار فهناك دول أوروبية أخرى ترحب بذلك، فعلي سبيل المثال ألمانيا وإيطاليا، والنمسا واليونان، جميعها باتت تفضل التعامل باليورو على الدولار.
وقد بلغ الأمر قطاع النفط إذ تكشف الفاينشيال عن أن العملاق النفطي الفرنسي والأوروبي "توتال" من أكبر المتضررين من كثافة اللجوء الى الدولار في معاملاتها ما جعل رئيسها التنفيذي "كريستوف دومارجوري" يدعو إلى ضرورة الاعتماد على اليورو والتخلي عن الدولار في الصفقات الدولية للشركات الأوروبية.. هل هي صحوة اقتصادية أوروبية في مواجهة هيمنة الدولار؟
وفي السياق، كشف الخبير الاقتصادي السويسري، سيرجيو روسّي، أستاذ الاقتصاد والسياسة النقدية في جامعة فريبورغ السويسرية، أن المبادلات التجارية لدول الخليج مع أوروبا أوسع وأهم من معاملاتها مع الولايات المتحدة، مضيفاً: "ومادامت موارد صادراتها في أغلبها بالدولار، فإنها ستتضرر من تقلبات سعر صرف هذه العملة، لذلك فإن تنويع العملات التي يتم بها استخلاص هذه الموارد، حل لهذه المشكلة."
وأشار الخبير الاقتصادي، إلى أن من بين الحلول الأخرى لدول الخليج إيجاد عملة موحدة لتلك المنطقة، ولكنه حذر من أن المسألة في نهاية الأمر سياسية، مذكراً بأنه عندما كشف صدّام حسين عن رغبته تسجيل سعر برميل النفط باليورو، إلى جانب الدولار، غزت الولايات المتحدة الأميركية العراق، بحسب مقابلة أجرتها معه الإذاعة السويسرية.
سلة عملات احتياطية هل هو الحل؟
ما هو الحل إذن في مواجهة الاضطراب الذي يلف الدولار في السنوات الأخيرة؟ خلال ما يقارب العقد من الزمن قد تبرز "سلة عملات احتياطية" مع قيام البنوك المركزية بالاحتفاظ بالثروات في خليط من الدولار واليوان والروبية والريال والروبل، إضافة إلى المعادن الثمينة طبعا، وربما تظهر حزمة تركيبية من العملات الريادية العالمية مع التركيز، بعد سنوات من طباعة الغرب للعملات، على أصول مدعومة بالسلع والمواد الأخرى الملموسة والحقيقية.

الكاتب: فارس سعد
المصدر: مجلة الصناعة والاقتصاد
الاقتصاد العربي
مناقصة مشروع الربط الكهربائي الخليجي - العراقي البحرين.. لا أهداف مالية لميزانية 2019 - 2020 موجودات المصارف العربية 3.4 تريليونات دولار مصر تسعى للتحول إلى مركز إقليمي للطاقة