"الإنتاج الأنظف" يطلق مشروع جديد لقطاع الصناعات الغذائية
يعقوب: نعمل على خلق استدامة بين الاستهلاك والإنتاج
يؤدي مركز الإنتاج الأنظف دوراً فعاّلاً في دعم القطاع الصناعي عبر فتح الأسواق الخارجية أمام إنتاجه ومساعدته في تنفيذ آليات الإنتاج الأنظف التي تخفّض كلفة الإنتاج وترفع من قدراته التنافسية. ويأتي اهتمام المركز بالقطاع الصناعي كونه قطاعاً أساسياً حيوياً يساهم بشكل مباشر في تنمية الإقتصاد، وتمكن المركز من مساعدة عدة مصانع على اعتماد سياسة وقائية بيئية وتحقيق وفر قارب الـ4 ملايين دولار في 35 مصنعاً عام 2013، ومن إقامة جسر عبور أساسي بين القطاعين الصناعي والبيئي، وإفساح المجال أمام القطاع الصناعي لتأدية دور أساسي في عملية الوصول إلى الإقتصاد الأخضر".
وأطلق المركز في إطار دعمه للقطاع الصناعي، مشروع تحويل التكنولوجيا الصديقة للبيئة الذي من شأنه تعزيز قوة القطاع في استخدام أحدث التكنولوجيا الصديقة للبيئة، وأعلن رئيس مركز الإنتاج الأنظف في لبنان علي يعقوب أن المشروع مموّل من الاتحاد الأوروبي وقيمته 12 مليون يورو وينفذ بالتعاون مع منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة ومركز الإنتاج الأنظف الرديف في برشلونة، ويهدف إلى تعزيز القدرات الصناعية في 9 دول من ضمنها لبنان".
وكشف أن "المركز من خلال معهد البحوث الصناعية ربح المناقصة التي جرت على تنفيذ الجزء المتعلق بلبنان من المشروع، ووقع عقد الإتفاق في 15 كانون اول وباشر في تنفيذه في 15 آذار على ان تتراوح مدة المشروع 28 شهراً".
وأعلن يعقوب أنه " ترأس وفداً إلى النمسا ضم 9 خبراء أساسيين يفتخر بهم على الصعيد الوطني وفي عدة مجالات وهم القاضي عبدالله أحمد مستشار وزير الصناعة والدكتور جوزيف متى مدير المختبرات في معهد البحوث الصناعية والدكتور محمد حيدر منسق مشروع MEDTEST 2 والدكتور عدنان جوني والدكتور ناجي طانوس خبراء في الطاقة المتجددة والمهندسة حنان خنافر الخبيرة في نظم الإدارة البيئية والدكتور علي اسماعيل مدير قسم التغذية في الجامعة اللبنانية"، وأشار إلى أن الوفد "أجرى عدة مباحثات ثنائية مع منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية لبلورة آليات تنفيذ هذا المشروع.
3 محاور
وإذ لفت يعقوب إلى أن هذه الآليات توزّعت حول 3 محاور أساسية، كشف أن المحور الأول يشمل تنفيذ مشاريع نموذجية صناعية ضمن آلية الإنتاج الأنظف لمدة تتراوح بين 12 و 14 شهراً لثمانية مؤسسات صناعية غذائية، في بيروت وجبل لبنان. وأعلن يعقوب أن دفتر الشروط كان قد حصر المشروع في هاتين المنطقتين، إلا أنه أثار هذا الموضوع بشكل قوي مع منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية ليضم مناطق أخرى ولا سيما أن الجزء الأكبر من المشروع يشمل الصناعات الغذائية المنتشرة بكثافة في منطقة البقاع."
وأشار إلى أنه في المحور الثاني سيتم إحصاء جميع المؤسسات التي تقدم خدمات بيئية في لبنان، من شركات استشارية وجمعيات أهلية. ففي لبنان هناك العديد من الجهات التي تقوم بتقييم الأثر البيئي للمشاريع، لكن ليست هناك شركات مؤهلة تعطي دعماً تقنياً للمؤسسات بشكل عام في موضوع كفاءة موارد الإنتاج الأنظف".
وتابع موضحاً أن "مركز الإنتاج الأنظف سيحصي هذه المؤسسات ويختار 8 من مجملها، فيدربها ويقوي قدراتها لتساعده بدورها في تنفيذ المشاريع داخل المؤسسات الصناعية وبالتالي يتم خلق سوق في لبنان من قبل هذه الشركات لتقدم خدماتها، ما يفسح في المجال أمام تنفيذ الشق الثالث من المشروع والمتمثل بخلق سياسة تحفيزية تعتمد من قبل الدولة، لدعم المؤسسات الصناعية في هذا المجال.
وأضاف: "هذه طريق طويلة ونحن نواكبها خطوة بخطوة مع مصرف لبنان كونه عضواً في اللجنة الاستشارية للمشروع. ونحن نعوّل كثيراً على هذا الأمر، فمصرف لبنان يتمتع بهامش من الاستقلالية إدارياً ومالياً ولديه نفوذ على المصارف اللبنانية يمكن أن يستفاد منه في عملية إعطاء الحوافز. هذه الأمور مجتمعة، ستمكننا من ضخ سياسة تعتمدها الحكومة مبنية على الشفافية والاستدامة والمصداقية.
واعتبر أن الوصول إلى وضع السياسة وإقرارها من قبل الحكومة ومجلس النواب سيكون بمثابة خطوة مهمة جداً في حماية القطاع الصناعي الذي عانى من الإهمال الكبير على مدى السنين الماضية. ورأى يعقوب في هذا الإطار " أن وزير الصناعة حسين الحاج حسن نموذج مهم في إعادة إحياء هذا القطاع الذي يعاني من تراكم الإهمال من قبل الدولة بشكل عام إذ إنها لم تعطه الإهتمام والدعم المناسبين، بل سلكت طريق الإهمال المتعمّد".
لا عدالة
وشدّد يعقوب على أن المشروع سيؤدي إلى خلق عمل متراكم في عملية الاستدامة في الاستهلاك والإنتاج. وقال: "اليوم مطلوب منا تطبيق نوع من العدالة في عملية الاستهلاك وخلق استدامة في الإنتاج، إذ إن غياب هذين الأمرين يؤشر إلى وجود خلل في عملية بناء المجتمع. هناك لا توجد عدالة فاضحة في عملية الاستهلاك على صعيد العالم ككل. فعلى صعيد الطاقة، تستهلك الدول الأفريقية وعدد سكانها 765 مليون نسمة معدل طاقة يماثل استهلاك مدينة نيويرك التي يسكنها 20 مليون شخص. إضافة إلى ذلك، يبلغ معدل استهلاك الفرد السنوي في لبنان 2000 كيلووات/ ساعة، مقارنة بـ 25 ألف كيلو وات/ساعة في الإمارات، في حين لا يدفع القطريون فواتير كهرباء، هذه الأمثلة تؤكد وجود "لا عدالة" في عملية الاستهلاك على صعيد العالم ككل".
وأضاف: " نحن سنعمل لنخلق نوعاً من العدالة على صعيد الدول التسع التي يستهدفها المشروع، ومع إتمام المحاور الثلاثة من المفترض أن نصل إلى خلق استدامة بين الاستهلاك والإنتاج".
وأوضح يعقوب أنه "سيتم اختيار المؤسسات الصناعية التي سيستهدفها المشروع وفقاً للائحة معايير شفافة وواضحة تم وضعها من قبل خبراء وتتعلق بالالتزام البيئي والتصدير إلى الخارج".
واعتبر أن " تطبيق الإنتاج الأنظف وتطبيف كفاءة الموارد عملياً داخل المؤسسات الصناعية ليس بجديد لأن المركز اللبناني للإنتاج الأنظف الذي يمثل الدول العربية في الشبكة العالمية لمنظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية، أدخل عدة قطاعات صناعية في آلية الإنتاج الأنظف وأثبتت التجارب أن عملية تنفيذ آليات الإنتاج الأنظف داخل المؤسسات الصناعية يخفف من المشاكل البيئية ويخفّض من كلفة الإنتاج. ما يعني أن هناك وفراً واضحاً من خلال تطبيق معايير الإنتاج الأنظف. فانخفاض كلفة الإنتاج ترفع من القدرات التنافسية وبالتالي تقوي إمكانات التصدير إلى الخارج، وهذا هو الهدف الأساسي".
المشاريع البيئية
وأشار إلى أن "أصحاب رأس المال يهرعون للإستثمار في المشاريع القصيرة الأمد طمعاً بالربح السريع، وهذا يعني أنه لا يوجد تركيز على الاستثمار في المشاريع البيئية إذ إن طبيعتها تكون طويلة الأمد". وقال: "بعد انهيار وول ستريت عام 2007، حاز مبدأ "الإقتصاد الأخضر" على اهتمام واسع من الدول في عملية تعزيز إقتصادها، ونحن سيكون دورنا في الفترة المقبلة خلق تبنٍ أساسي لمفهوم الإقتصاد الأخضر داخل المؤسسات الصناعية".
وتوقّع يعقوب أن يكون هناك تجاوب كبير من قبل المؤسسات الصناعية، السوق العالمية تفرض مسائل أساسية في هذا الموضوع، وبالتالي لم يعد بالإمكان تجاهل المعايير البيئية ولا سيما تلك التي يفرضها الإتحاد الأوروبي أو المعايير التي تفرضها اتفاقات الشراكة الثنائية لجهة البيئة وحماية المستهلك بشكل عام. كما أن الصناعي اللبناني ذكي جداً وقادر على استشعار مصلحته حتى لو كانت على المدى الطويل لذلك من المتوقع أن يكون هناك الكثير من التجاوب والالتزام بهذا الموضوع".