ملتقى لبنان الاقتصادي نواة جديدة اللبنانية
سليمان: ليس من الصعب تمويل برامج النفط والغاز
عيتاني: الحدّ نسبياً من تداعيات الأزمة
أبو زكي: رأس الحلول التفاهم السياسي والتلاحم الوطني
القصار: احتمال استمرار التراجع لنسبة 2.8%
شقير: اقتصاد لبنان في وضع حرِج
باسيل: لا بدّ من معالجة الوضع الاقتصادي بعناية فائقة
موسى: المطلوبة العدالة الاجتماعية ورفع القدرات التنافسية
أطلق «ملتقى لبنان الاقتصادي» الذي نظّمته "مجموعة الاقتصاد والأعمال" في فندق «فورسيزونز» بيروت بحضور ورعاية رئيس الجمهورية ميشال سليمان ومشاركة نحو 400 مشارك من لبنان وعدد من البلدان العربية بينهم رئيس الحكومة تمام سلام وعدد من الوزراء اللبنانيين وعرب وقادة هيئات التمويل وتشجيع الاستثمارات، ورجال أعمال ومستثمرون في قطاعات مختلفة.
واستهل "ملتقى لبنان الاقتصادي" برنامجه بتكريم الرئيس سليمان، وكلاًّ من الرئيس التنفيذي لمجموعة البركة المصرفية والرئيس السابق لاتحاد المصارف العربية عدنان يوسف، وشركة ماجد الفطيم العقارية التي تسلّمها الرئيس الإقليمي للمشرق العربي وضاح الصلح.
وفي الافتتاح القيت الكلمات التالية التي تمحورت حول الأوضاع الإقتصادية اللبنانية والاقليمية المحيطة:
سليمان: ليس من الصعب تمويل برامج النفط والغاز
أكد رئيس الجمهورية ميشال سليمان خلال افتتاح "ملتقى لبنان الاقتصادي"، إطلاق "اللامركزية الإدارية الموسعة بمشروعها المتكامل من القصر الجمهوري، لافتا الانتباه الى أن "الأوان حان لوضع سياسات اقتصادية جريئة وعقلانية وإجراء إصلاحات شاملة لزيادة الواردات وترشيد الإنفاق، وعدم التمسك بالنماذج الاقتصادية الميؤوس منها".
وطالب "بوضع خطة إنمائية موّحدة وشاملة، لتحقيق الإنماء المتوازن اقتصاديا واجتماعيا وتربوياً، على أن تتفرّع عنها خطط قطاعية لإنجاز البنى التحتية، وحماية البيئة، وتنظيم معالجة النفايات الصلبة والسامة، وإنتاج الطاقة الصديقة للبيئة، والاعتماد على استعمال الغاز كونه أقل كلفة وأكثر نظافة".
وأشار إلى أن "هذه التنمية الاقتصادية والإنمائية، لا بد من أن تتزامن مع تطبيق الخطط التي وضعناها للتطوير المجتمعي، ومتابعة تحديث النظم التربوية والشبابية، والإسراع في إقرار سلسلة الرواتب، وتنفيذ الإصلاحات البنيوية والإدارية المتلازمة معها. أما الأفضلية القصوى فيجب أن تعطى للمضي قدماً في مسيرة التنقيب عن النفط والغاز"، مؤكّدا أنه "ليس من الصعب تأمين الأموال الضرورية لتمويل هذه البرامج، إذا أحسنّا اختيار سبل تأمين الموارد الملائمة لها بصورة واقعية، لعدم إرهاق الموازنة بالعجز والمديونية. وإذا كان تمويل جزء كبير من المشاريع متاحاً من خلال إشراك القطاع الخاص، فالعمل على استقرار التشريعات المتعلقة بالاستثمار، من شأنه تعزيز الثقة بمؤسساتنا الوطنية وتحفيز اللبنانيين المغتربين على المشاركة في إنماء وطنهم الأم، شرط أن يتم تزويدهم بالمعلومات التي يحتاجون اليها عن مقوّمات الاقتصاد، والحوكمة والإدارة الرشيدة".
ودعا إلى "التفكير الجدي في إعادة درس سياسة الدعم، وضرورة اعتماد أنماط الخصخصة الملائمة لبعض المرافق لتحسين نوعية الإنتاج، وخفض كلفة الخدمات على المواطنين". وشدد على "ضرورة الإسراع في إقرار قانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص، ووضع الأطر الناجحة لتوجيه الاستثمارات المحلية والخارجية، في اتجاه القطاعات الخدماتية، بدلا من توجيهها نحو الودائع المصرفية الجامدة، أو حصرها بقطاعات البناء وأماكن الترفيه فقط".
وفي السياسة، نوّه سليمان "بتشكيل حكومة للمصلحة الوطنية ". وقال "فلنكتب البيان الوزاري بحِبر الحوار والتوافق، الحِبر الذي كُتب به البند "ي" من الدستور، لتنطلق الحكومة في معالجة شؤون الوطن والمواطنين". وطالب "بوضع خطة إنمائية موحدة وشاملة، قادرة على تحقيق الإنماء المتوازن اقتصاديا واجتماعيا وتربوياً، على أن تتفرّع عنها خطط قطاعية لإنجاز البنى التحتية، وحماية البيئة، وتنظيم معالجة النفايات الصلبة والسامة، وإنتاج الطاقة الصديقة للبيئة، والاعتماد على استعمال الغاز كونه أقل كلفة وأكثر نظافة. ويتطلب أيضاً تطوير شبكات الطرق ووسائل النقل العام، ما سيخلق دورة اقتصادية متكاملة تؤدي حتماً الى تحسين الإنتاجية بشكل عام، والى خفض كلفة الإنتاج على أنواعه، ما ينعكس إيجاباً على إنماء المناطق كافة".
وإذ شدد على "أهمية الالتزام بإعلان بعبدا"، أشار إلى "واجب احترام مواعيد الاستحقاقات الدستورية المقبلة، ولا سيما الانتخابات الرئاسية والانتخابات النيابية، على قاعدة المناصفة والتمثيل الشعبي الصحيح".
عيتاني
وأشار المدير العام لـ"المؤسسة العامة لتشجيع الاستثمارات في لبنان" (ايدال) نبيل عيتاني إلى تراجع حجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة الوافدة إلى منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا في العام 2012 إلى 3.5 في المئة، من إجمالي حجم الاستثمارات في العالم، بعدما كانت 4.2 في المئة في العام 2010".
ولفت الانتباه إلى أن "لبنان نجح حتى اليوم في الحدّ نسبياً من تداعيات الأزمة مع بعض التأثيرات السلبية كتراجع نسبة النمو واستطاع تحقيق العديد من النتائج الإيجابية التي يمكن البناء عليها".
أبو زكي
ورأى الرئيس التنفيذي لـ "مجموعة الاقتصاد والأعمال" رؤوف أبو زكي أن "رأس الحلول لما نعانيه هو التفاهم السياسي والتلاحم الوطني، وهذه هي مهمة الحكومة الجديدة، ومهمتنا جميعاً". ودعا إلى العمل الجاد والاستثمار في البنى التحتية، ولنسارع إلى إنجاز الإجراءات التي تسمح ببدء التنقيب عن النفط والغاز واستخراجهما، وتحقيق العائدات المنتظرة من هذه الثروة".
القصار
وأشار رئيس "اتحاد الغرف العربية" الوزير السابق عدنان القصار إلى تأثيرات الأزمة على لبنان، لافتا الانتباه إلى أن "البنك الدولي قدّر هذه الخسائر بما لا يقل عن 7.5 مليارات دولار، ناهيك عن الموجات الهائلة من النازحين السوريين الذين بات عددهم يقارب ثلث سكان لبنان".
وأشار القصار إلى انخفاض معدل النمو في الناتج المحلي الإجمالي العربي من 3.9% في 2012 إلى 3.3% 2013 الماضي، لافتاً الى احتمال استمرار التراجع لنسبة 2.8% لعام 2014 الحالي، في حال استمرار الأوضاع السلبية.
شقير
أما رئيس "اتحاد غرف التجارة والصناعة والزراعة اللبنانية" رئيس "غرفة بيروت وجبل لبنان" محمد شقير فرأى أن "مصائب لبنان الاقتصادية وتداعياتها الاجتماعية باتت خارج امكانات القياس الدقيق. وما يؤلمنا اكثر هو الفرص السانحة التي أضعناها واستعضنا عنها بجدل عقيم لا يمت الى المصلحة الوطنية بصلة".
وتوجّه إلى رئيس الجمهورية قائلاً: "اقتصاد لبنان في وضع حرِج ويحتاج الى عناية خاصة، لم نعد نملك القدرة على حمل أعباء المنطقة وأزماتها. فكم نحن بحاجة اليوم إلى "إعلان بعبدا اقتصادي" يعيد الثقة باقتصادنا".
باسيل
وأكّد رئيس "جمعية مصارف لبنان" الدكتور فرنسوا باسيل أنه "بغضّ النظر عن قِصر عمر الحكومة العتيدة، ثمة وضع اقتصادي دقيق وصعب لا بدّ من معالجته بإلحاح وعناية فائقة". ورأى أن هذه الصعوبة تتمثّل بضعف النمو الذي يحتاج الى استثمارات محلية وأجنبية لا تزال غائبة ومُحجمة، وضعف العمالة اللبنانية التي ضاقت في وجهها حتى فرص الهجرة، والنقص الكبير في ملاكات الدولة، ما يفرض ملء الشواغر في القطاع العام بالكوادر الكفوءة والنزيهة".
المحاور والمشاورات
تناولت محاور الملتقى العديد من الموضوعات منها: آفاق وحاجات المرحلة الانتقالية في لبنان، الطاقة والبنى التحتية وآخر المستجدات على صعيد ملف النفط والغاز. القطاع المصرفي والأسواق المالية وتحديات التسليف للقطاع الخاص والسياسات المطلوبة لتمويل المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وإمكانات التوسع المصرفي في الخارج، آفاق وواقع قطاع الأعمال وأوضاع التجارة والصناعة والسياحة والعقار.
وخصص الملتقى حيزاً من البرنامج للتداول في تحديات المرحلة العربية الانتقالية وتطوراتها المتسارعة، وانعكاساتها الاقتصادية. وضمن المحاور: كلمة للأمين العام السابق لجامعة الدول العربية عمرو موسى تتناول الشؤون العربية. وجلسة مشتركة حول الأزمة السورية والوضع الراهن في بلدان الربيع العربي وتحدث فيها كل من: كبير الاقتصاديين ومدير إدارة التنمية الاقتصادية والعولمة في «الإسكوا» عبدالله الدردري، وزير المال الأردني أمية طوقان، وزير الاقتصاد الوطني الفلسطيني جواد ناجي، مدير المركز الإقليمي للمساعدة الفنية للشرق الأوسط صندوق النقد الدولي محمد الحاج، رئيس الهيئة العامة للاستثمار في مصر حسن فهمي، ورئيس «المؤسسة العامة لتشجيع الاستثمارات في لبنان» نبيل عيتاني.
عمرو موسى فنِّد أوضاع المنطقة في "ملتقى لبنان الاقتصادي": الفشل الاقتصادي والتنموي أوجد الفقر في المنطقة
وقال الأمين العام السابق لجامعة الدول العربية عمرو موسى في كلمته "ان الفشل الاقتصادي والتنموي أوجد عدواً حقيقياً في المنطقة هو الفقر، وهو ما أدى إلى الغضب والثورة وما نحن فيه اليوم. وإذا نظرنا على نحو حقيقي وواقعي إلى التطورات في المنطقة، نجد أن ما يحصل في المنطقة هو ليس ربيعا في الحقيقة، علما أن البلدان العربية قصّرت في ملف التعاون والتنمية الاقتصادية".
ورأى: "أن ما يحصل على الصعيد العربي اليوم "هو نتاج فشل داخلي أكثر منه مؤامرة خارجية، كذلك هو نتيجة أخطاء في سوء الإدارة الداخلية، وأنه علينا ألا نُكرر هذه الأخطاء"، لافتا إلى أن الأمور الأساسية المطلوبة في منطقتنا هي "العدالة الاجتماعية ورفع القدرات التنافسية".
وشدد موسى على أن القمة الاقتصادية المقبلة يجب أن تتداول في المشاريع الكبرى، مذكراً بالصندوق الذي أقرته القمة عام 2009 برأسمال بلغ 2 ملياري دولار، لافتاً الى أن مستقبل المنطقة سيكون مختلفا كليا عما كان عليه سابقا وما هو عليه اليوم، "اذ ان المنطقة مستقبلا ستعيش في إطار يحمل المزيد من الديموقراطية وستشهد انحسارا لحكم الأفراد".
واعتبر أن لبنان هو الأقرب إلى الأزمة السورية "والمشكلة لا تتعلق بسوريا فقط، فتداعياتها ستشمل لبنان والأردن"، مشيرا الى "أن الدول الأجنبية المعنية بأزمة المنطقة اتبعت سياسة إدارة الأزمات من دون الالتفات إلى إيجاد حلول ولم تأخذ في الاعتبار مصالح البلدان العربية".
وتطرق إلى الوضع الداخلي في مصر فاعتبر أنه "يمكن للدستور الجديد أن يشكل نقطة انطلاق"، مشددا على أهمية الانطلاق من الإصلاحات الحالية لاستعادة دور مصر السياسي في المنطقة، وأن "المصريين سينتخبون الرئيس الذي يستطيع قيادة المصريين إلى بر الأمان".