ليس وحده القطاع الخاص من يريد الحلول مكان القطاع العام ليوفر لنفسه المزيد من فرص العمل السهلة والمضمونة واضافة الارباح المضاعفة لقاء الخدمات التي يقدمها للمواطنين، هناك من يمعن من داخل الدولة في منع اية فرصة للقطاع العام للنهوض ولنفض الفساد والاهتراء عنه ليعود الى دوره المساهم في الانتاجية عبر مختلف مرافقه. اذ يدأب نواب ووزراء من رجال الاعمال محاولاتهم لضرب القطاع العام باستمرار، فلا يوفرون مناسبة الا ويحبطوا اية محاولة لتقوم المؤسسات العامة بأعمالها كما يجب وبدل ان يجدوا الحلول المناسبة ويضعوا الخطط التشغيلية الملائمة والتي تساهم في نمو الخدمات لتسهيل حياة المواطنين في كافة المجالات، نجدهم يصرون على اماتة دور الدولة لحساب القطاع الخاص.
فهل نتخيل في دولة مهما كان تصنيفها ناشئة ام نامية أن يقوم مسؤول بالايعاز للقطاع الخاص القيام بالوظائف العامة، بالطبع لن نجد الا في لبنان هذا الامر، فلا يمكن لمسؤول بأي موقع وظيفي كان الا المثابرة لترقية العمل وتطويره، لكن في بلدنا نجد امثالا كثيرة تنعى دور قطاع الدولة وتحيل الخدمات الى القطاع الخاص كوزير شؤون التنمية الادارية نبيل دو فريج، فعوضاً عن أولوية الوزير مسؤولية الحفاظ على مؤسسات البلد وتطويرها عمليا يدعو الى"ان معالجة الفساد في القطاعات العامة تكون بسحب جزء كبير من هذه الخدمات من يد القطاع العام وجعل قطاع الخاص وحده يعمل على تقديمها وتطويرها وأن تتولى الدولة في المقابل دورها كهيئة ناظمة لعمل هذه القطاعات وأن تفعل دورها الرقابي والتشريعي وأن تركز في الاولوية على الرعاية الاجتماعية لمختلف شرائح الشعب".
فدو فريج ينهي بذلك أي دور عملي للدولة في ادارة قطاعاتها الانتاجية ومؤسساتها ويشلها عن العمل لصالح الخاص، ففي ثقافته وخبرته بالشؤون التنموية لا يمكن اصلاح فساد او خللا في اداء الخدمة بشكل تام بل انه يعتبرها محاولات بائسة لدولة فاشلة في مثل هذه المهامة المنوطة بها، فهل من يضعف من شأن الدولة ومهامها يمكن ان نعتبره رجل دولة مسؤول، الم يجد افضل من هذه الحلول ليعيد لمؤسسات الدولة مكانتها ودورها الناظم لمثل هذه الخدمات ، أيَّة دروس يجب أن يعطى هذا المسؤول في الوطنية ام في الاصلاح ام في اسس الدولة حتى يجترح لنا مستقبلا حلولا منطقية لا تفقد الدولة هيبتها ومسؤولياتها.
ولا ننسى ان معظم هؤلاء النواب والوزراء يمتلكون مصالح تستفيد من الدولة لتسيير اعمالهم على حساب مؤسسات الدولة، وينسى هؤلاء الطامحون ان معظم قطاع اعمال الخاص هي تلزيمات من الدولة لهم ان كان في الاشغال او الاستشفاء وغيرها من المشاريع التي تلزمها الدولة للشركات الخاصة التي تتقاضى الملايين من الدولارات دون ان نجد الخدمة الجيدة وباسعار خيالية عدا عن المشاكل المترتبة جراء سوء اداء بعض القطاع الخاص في امور كثيرة منها الاشغال العامة، النفايات...
فمتى يعي الشعب حقيقة هؤلاء الذين ائئتمونهم على مصالحهم وانتخبوهم أكثر من مرة ويعيدون الكرة ناسين ما أوصلوا اليه الدولة بفضل ممارساتهم وتقاعصهم عن أداء دورهم الأساسي، فكم من مؤسسة رديفة للدولة يشغلها وزراء تعمل كالساعة في انتظامها فيما تجده متخاذلا مهملا لا يهتم بتطوير او بتحسين االمؤسسة العامة التي يشغلها. المشكلة كلها بمناصب يشغلها اشخاص غير كفء وغير عابئين بمصالح وطن، جل اهتماماتهم تأمين مصالحهم الشخصية وزيادة محفظتهم المالية وتوسيع اعمالهم على حساب المواطن والمؤسسات العامة.
سهى غنوي